وما إنّ يحِلُ مسائِي تَبدّأ ذّكرياتي بالتَبعثُر أمَامَ عَيني، وتَسقيّ الجِراحُ رَيعانَ خِدوشِها وتُحيِيّ الذّاكرةَ الميّتةِ الممزوجةِ بفكرِيّ ،ويُمسِكُ القلبُّ دقاتَهِ بفزعةٍ ، ويملأُ الرُقراقُ عُيوُنيّ ويُبدّي الليّلُ ترحِيبهُ لِسَهَرِي ،يتَنازعُ الحَنين معصّوفَ الخافِقَينِ إليكّ ، وتَرتَجِلُ القَصائدّ أشعارِها مِن مُقتبساتِ شِعرِي ،تمِرُ ذِكراكَ بين مُقلتايَ ضاحِكٌة ، وتنهمِرُ الدموّعُ ويُمزقَ الألمُ لفراقِكَ صَدري ،أطبِقُ الأجفانّ خَوفًا من نِسيانِ أيامُكّ ،وأجعّلُ من الرموشِ منزلًا يأويّ حَنينُكَ المتراكِمُ في نَظريّ ،يتجَمعُ الشهِيقّ المأخوذُ بوجودِكَ صبراً ،ويعتصِرُ النفَسُ الخامِلُ المتأرجِحُ فيّ نَحريّ ،أخَافُ عَليكَ من الفُقدانِ ذهابًا وإيابًا ، وبمعزلٍِ عن النّاسِ بنَيتُ لكَ طَريقًا ذيّ إتجاهَينِ يَحوّيكَ في عُمريّ ،يَعلوّ الِلسانَ بنطّقِ حروفِكَ رغم زلاتِ كلِماتهِ ، ويَركَعُ للتذكارِ متوسلًا طالبًِا أيَّ عُذرِ ،يأِنُ الفؤادُ ببُعدِكَ عن ناظريّ ،ولِبَقائِكَ يَسجِدُ الفرحُ إفِتخارًا بساعاتِ صَبريّ ،تَغَلَبَ شوقُكَ على كلِ أُمسِياتيّ ،وسَكَنتَ حَوادِقيّ يا أجمَلَ نَسِيٌم يَهِبُ عَليَ في كُلِ فَجرِ ،سلَمّتُ أجفاني الرُقادَّ ترتيلًا بنعُومَةِ يدّيكّ ،وذِكرى الإِحتضّانِ تُزِيحَ الهَمُ والثُقلَ من قلبيّ المُتحيرِ ،تَعوُد قِوايَ إليَّ ويذهبُ الغُمامُ عَنيّ ،ويَذُوبُ الكلامُ بنظرَةٍ مِنكَ ويختَفيّ في قَعرّي ،يَلتَمُ كُلُ الشِتاتِ الذّي تنَاثَرَ على مُخَيَلتّي ،ويَنعَكِسُ الوِدّادُ فيّ عّينيّ ويّبتسِمُ ثَغرِي حَدّثتُ الفُؤّادَ والفكرَ عن سَببِ وجودِكّ ،فـ لا الفؤادُ يَرضَى الإِجابَةِ والفكرُ يرفضُ والفِكرُ تَركَنيّ أحِيرُ في أمرِي ،رَحِيلُكَ كَسرَةٌ في النَفّسِ (أَسٌر وتهجيرّ) ، كـ إِبتّسامًة لا روّحَ فِيهّا تنَتَزِعُ القَلبَ مِنيّ وتَدّفِنَهُ بمَدّارِ قَمَرّي ،يُصارِعُ سَمارَ وَجهِيّ أعدّاءَ المَودّةِ سِراً ،وأُعانِقُ المُحبِينَ ببَياضِ ضِحكَتِي وأُمَسِدَ حُبهمّ في جَهري ،يَنقَضُ عَليَ الحُزنُ في أيَسرِ الأَضلاّعِ ويَنبَسِطّ ، من قَسوَةِ الزَمان ومّا حَلَ بِيّ مِن مَصائِبَ دّهرِي ،لعَلّ الصَبرُ هوّ الحَلُ الأنسَبِ ،ومُفتاحُ تَحِول حُزنِي لفَرٍح يُزِيدُ من عُمرِيّ ،فإِنِي البَعِيدُ القَرِيبُ من الروّحِ خَوفًا عليها ،وإنَ إقتِرابِيّ يُزيدُها تألُمًا ويُزِيدَّنَي قَهراً فَوقّ قَهرِي ،فالحُزنُ عَليَكَ عِندَ العِتابِ ليسَ لهُ نَظِيٌر ،وبُكاءُ الرُوّحُ على الرُوّحِ شجُوّنٌ لا يُساوِيهِ شُعُورِ كُلِ البَشرِ ،أحببتك بعَقلِيّ الكامِلُ وبمُنتَهىّ النَقّاءِ ،وتَرعّرَعتَ في الجسدِ وسَكَنتَّ في الشِريانِ كـ دَمَاً يُحَرِكُ قَدَري ،ورُغمُ ما يَأتِي إليَّ مِنَكَ وما يَلهَجُ بهِ لِسانَكّ ،ستَظلُ أنتَ الطائِرُ المُحلِقُ في سَماءِ نَثرِيّ ،أدّعُو إِليَكَ في العَلانِيةِ أن تَكُونَ الأَسعَدُ ،وأَن تَبقّى الوِدُ الوَحِيدُ المَدفُونِ في سِرِيّ ،وأنَتّ الأُمنِيَةُ التَيّ تَأملتُ في تَحقِيقِها ،وأنَتّ الجَوّهَرَةُ المَحمُولَةُ فِي عُنُقِي لآخِرَ عُمرِيّ ،وأنَتَ الواقِفُ رُغّمَ الإِنُوفِ في مُنتصَفِ أَشيّائِيّ ،وأنّتَ العَبِيرُ المُتَوسِمَ والمَرسُومُ في زَهرِيّ .
#عليــــاء_جبــــار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق