الاثنين، 30 ديسمبر 2019

قصة قصيرة بعنوان {{ مأوى العجزة }} بقلم الشاعرة السورية القديرة الاستاذة {{ أمل محمد ياسر }}

قصة قصيرة : مأوى العجزة

عند أذان الفجر، فتحت عيناها أم هيثم وجسدها يرتعش من الزمهرير القارص، كانت الغرفة مازالت معتمة وسواد الليل يحتضنها ،نهضت من سريرها العجوز الكهول وهي تبحث عن عكازتها وتتكىء على الأسرة.
أحشاء بطنها تقرقر وتزفزق من الجوع ؛فقد نامت وهي جائعة ،وكانت تبحث هنا وهناك على شيء يسكت أمعائها الثائرة ،عندما لم تجد شيئاً كعادة كل يوم ،جلست تلملم خيباتها وهي متجمدة ومرتعشة الجسد، توضئت وصلت وجلست تنتظر طلوع الفجر مثلها مثل باقي النساء في المأوى...
هكذا تمضي أيامها،تنتظر عيد الأم ليزورها ابنها الوحيد ويجلب لها باقة الورود الأرجوانية او أزهار التوليب أحياناً...
في يوم عيد الأم المنتظر كانت تنتظر ابنها ،وهي تحمل بيدها ظرف ابيض، كان وجهها بشوشي عندما لاح لها ابنها بين عدد من الشبان،فسلمت عليه بحرارة ،واحتضنته بحنان ،لم يكترث هو لما تفعله،وكأن الواجب فقط من نادى له،بعد خمس دقائق مرت وابنها صامت وهي تحدثه بحرارة عن روتين أيامها وهو لا يكترث لأحاديثها وكأنها مملة وتافهة بالنسبة له،شعرت بذلك فوضعتها في راحة صدرها وصمتت ومن ثم تناولت ظرف مقفل من تحت وسادتها وأعطته أياه، نظر إليها وإيماءات الاستفهام على وجهه وفتحها من فوره ... 
كانت الرسالة عبارة عن وصية في بضع كلمات ...قرأها وبيقيت نظراتها متسمرة بالرسالة لبعض الوقت ومن ثم 
اشاح هيثم بوجهه ونظر بوجه أمه بنظرات حائرة..
فقالت له: اوصيك بثلاجة لك،حتى عندما تستيقظ وأنت جائع بعدما يرميك ابنائك وكأنك عبء على كاهلهم ،تجد ما تبل فيه رمقك..فأني لا أجد شيئاً ..
وابتسمت له،وحملت عكازتها وباقة ورودها وأدبرت،وعينا ابنها تمتلئان بالورع واسنانه تصتك فزعاً ..

{وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمً...}

أمل محمد ياسر
دمشق
٣٠/١٢/٢٠١٩

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق