(إكتب عني)
استيقظت بعد منتصف الليل بساعات قلائل، شعرت بأني يجب أن أكتب شيئا ما، وإلا فأني قد لا أستطيع معاودة النوم مجددا ! وكالعادة صاحب رغبة الكتابة التي تولدت عندي هذا المساء شعور بالجوع أيضا، نعم كنت جائعا لدرجة اللعنة!. نثرت بعض الأوراق البيضاء على صديقتي المنضدة، جررت كرسيا من الكراسي الثلاث المرصوفة، فأصدر الاخير صوتا ازعجني وكأنه يقول لا أريد مفارقة إخواني! اتكأت بذقني على راحة يدي، دسست رأس القلم في فمي، وأخذت أفكر وأنا احدق في نقطة وهمية في منتصف إحدى الأوراق البيضاء، فجأة لمعت فكرة في عيوني، عرفت ذلك من إتساع حدقتيهما! تبا، سرعان ما خبا وهجها! قرقرة بطني لم تسمح للأفكار التي في رأسي بالأسترسال، حتما إني جائع وإلا ما أصدر بطني كل هذه الأصوات، طيب، طيب، ربت على بطني وأنا انهض بخطوات ثقيلة صوب المطبخ. اخذت أجيل النظر، تقدمت بخطوات ثابتة نحو الثلاجة الفخمة الكبيرة، طالعتني الحاجيات الطافحة بها، فكرت بأن البيض وبعض من حبات الطماطم سيكون عشاءا لطيفا بصحبة كوب كبير من الشاي الساخن ! كاد اللعاب أن يسيل من زاوية فمي حين تخيلت المنظر! أغلقت باب الثلاجة بسرعة دون أن أفعل شيئا،ففي هذه اللحظة بالذات تذكرت الفقيدة زوجتي! ياالهي،ياالهي لو كانت موجودة الآن، تذكرت أنواع الأطعمة والمأكولات التي كانت تتحفني بها على مدار الساعة، عندها فقط أيقنت بأن لعابي سيسيل بصدق هذه المرة! عدت للصالة، حاولت جر الكرسي المغرور لكني تذكرت صوته اللعين، اكتفيت بأن دسست جسمي ووضعت مؤخرتي على حافته. عاودتني نوبة الكتابة بصورة أقوى هذه المرة! قررت الكتابة بغض النظر عن الأصوات المزعجة التي أصر بطني على إصدارها مابين الحين والآخر! أشعلت سيجارة، فكرت بأنها ستكون خير معين لما أنا مقبل عليه، بقي سن القلم ذي اللون الوردي ملتصقا بحافة الورقة،كادت جمرة السيجارة أن تلسع أصبعي،اللعينة،ظننتها ستكون معينا طيبا فإذا بها تلفظ أنفاسها دون أن أتمكن من كتابة ولو حرف من قصتي الجديدة!. لا أعرف متى أو كيف تمددت في سريري، كانت أشعة الشمس تملأ المكان حين استيقظت، وثمة تيار هواء أخذ يعبث بطرف ستارة النافذة المفتوحة! مفتوحة!؟نهضت بسرعة وانا احدق غير مصدق للنافذة المفتوحة على مصراعيها، كنت واثقا اني قد اغلقتها! مشيت بأقدام حافية صوب النافذة، عقدت مابين حاجبي وأنا أتأمل الستارة التي كانت تعبث مع تيار الهواء، تذكرت الأوراق، أغلقت النافذة بسرعة وهرعت صوب الصالة، آه! كما توقعت تماما، كانت أغلب الأوراق الناصعة البياض قد تبعثرت وتوسدت الأرض، انحنيت ألم ماتناثر منها، لفت نظري ورقة واحدة،كان ثمة عبارة واحدة مكتوبة في منتصفها وبخط شخص أعرفه، كان مكتوبا :
-إكتب عني حبيبي!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق