الخميس، 19 نوفمبر 2020

ج(الثامن) من رواية {{أبواب لاتؤصد}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{جاسم الشهواني}}


 

رواية

أبواب لاتؤصد


الجزء الثامن


في صباح اليوم التالي 

دخلت حنان قسم الحسابات ، سلمت على الجميع ، غياب الاستاذ محمد طال ، جلست على مكتبها وباشرت عملها ، لاحظت نظرات

قيس الغير مريحة لها ، رفعت عينيها عدت مرات بإتجاه زميلها قيس ، كانت نظراته مريبة ، هذا الامر اربكها كثيرآ ، مما دفعها

لتطلب من سلمى ان تحدثها خارج الغرفة لأمر مهم ، وافقت سلمى وخرجت معها للخارج ، مابك ياحنان مالذي يشغلك .. ؟

ياسلمى منذ ان دخلت للقسم اليوم ونظرات الاستاذ قيس لاتعجبني ، وكأنه يود ان يأكلني بتلك النظرات . 

آه ياصديقتي العزيزة 

هو رجل سكير ومقامر ، ولذلك تطلقت منه زوجته ، حاولي ان لاتحتكي معه وإبتدعي

عنه قدر المستطاع ، لكن انا لاعلاقة لي فيه

مجرد زميل يشاطرني تلك الغرفة .

أجل وهو كذلك ، قد يكون تأثير الخمر مازال يؤثر عليه ، هو مدمن ويحتسي الخمر كل ليلة ، حاولي احتواءه بالتغاضي 

والابتعاد ياحنان ، نعم سأفعل أشكرك ياصديقتي .

قيس يلاحق حنان بنظرات حقيرة ، وحنان

بدا الامر يزعجها كثيرآ ، وعلى حين غرة ، نهضت من مكتبها وصرخت بوجهه ، وبخته

وتحدثت معه بإسلوب جاف ، قيس رد عليها بالمثل ، تصاعدت وتيرة حديثهما وارتفع صوتهما ، الى ان حضر المدير العام شخصيآ بعد ان ابلغه سكرتيره بالامر .

حول السيد المدير قيس للتحقيق وطلب من كل موظفي قسم الحسابات للإدلاء بشهادتهم ، بعد ان إكتمل التحقيق وكشفت اللجنة التحقيقة ملابسات القضية .

تم توجيه عقوبة إدارية نقل على اثرها الاستاذ قيس لاحد فروع المؤسسة بالاقضية والنواحي التابعة لها .

وتذمر السيد المدير من غياب الاستاذ محمد ، مما دفعه للإتصال بالاستاذ محمد عن طريق الموبايل ليقطع إجازته ومباشرة عمله ، اتصال السيد المدير كان بحضور اعضاء اللجنة التحقيقة وزملائه بقسم الحسابات .

هذا الامر جعل حنان تشعر بالسعادة والرضا ، لأنها تمكنت من ردع ذلك السكير وعودة مديرها المباشر الاستاذ محمد .

عاد الجميع لأقسامهم ليزاولو أعمالهم ،

بعد ان دخلوا لقسمها ، همست سلمى بأذن حنان ، لم اكن اعلم بأنك قوية لهذا الحد

وقرأت حروف سعادتك بعودة الاستاذ محمد من ملامحك .

ضحكت حنان بضحكة لأيمة وصامتة ، نعم انا دائمآ احقق على كل ماأريده .

بعد خمس دقائق دخل الاستاذ قيس وكان متجهم الوجه ، أخذ كل مايخصه من ذلك المكتب الذي كان يشغله ، ودع ليث وسلمى ونظر بنظرة حقد كبير لحنان ، فأشرات له بكف يدها الايمن وحركت أصابعها بحركات

متتالية تشير له بالوداع ، تلك الحركة كانت كافية لأن يخرج بسرعة كبيرة من دون ان ينظر ورائه .

بعد إنتهاء الدوام خرجتا سلمى وحنان معا ،

وبادرت حنان بسؤال أربك سلمى .. ؟

بالأمس قلت لك سأذهب لكي لاتتأخري على زوجك ، شعرت حينها وكأن جبل من حزن جثا فوق صدرك ، اليست انا اختك ، مابك حدثيني عن همومك عزيزتي .

سلمى تغير لونها ، صمتت ودخلت مدن الأحزان من أوسع ابوابها ، تنهدت بعمق

شديد ، عن أي شيء احدثك .. ؟

عن عمر رحل ربيعه ، عن شباب وئد وباقة الياسمين بيمينه ، عن لحد دخلته وانا مازلت صبية ، معول العادات والتقاليد والاعراف النتنة حفر قبري وأخاط لي كفني وانا العب مع اقراني ، عن شيب إجتاح شعري وكل اصباغ العالم لاتغيره .

عن ظفيرتي الذهبية التي كذلتها يد الأقدار بخبث .

ماكل هذا الحزن ياسلمى ، وكأن بحور الحزن كلها قد صبت فوق رأسك .

نعم ياصديقتي

بحور الأحزان أغرقت سعادتي وأزهقت أنفاسي .


                            يتبع


                                             الكاتب

                                      جاسم الشهواني

                                             العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق