الأربعاء، 23 ديسمبر 2020

مقال تحت عنوان {{النظر}} بقلم الكاتب التونسي القدير الأستاذ{{ماهر اللطيف}}


 النظر

--------------
كلنا ينظر بعينه فيرى ويميز ويحلل ثم يقرر ويحدد موقفه من أي موضوع أو شيء رآه....
غير أننا أيضا يمكن أن نرى بقلوبنا وعقولنا وأرواحنا ومراجعنا ومداركنا وتجاربنا ومكاسبنا وآذاننا وغيرها لتكتمل الصورة عندنا ونبني رأيا باتا ونهائيا غن الأشياء حين صدورها وتعارضها معنا....
فالنظر اذن لا ينحصر على العينين فقط وإلا بتنا مثل سائر الكائنات المبصرة الأخرى التي تحكم على ظاهر الصور وما برز منها دون سواها...
بيد أنه من الضروري الوقوف عند النظر هنا لتفسيره وتبيينه قبل مواصلة حبك هذا الكلم المسترسل.
فالرؤية بالعينين هي رؤية عينية ميدانية فعلية تعتمد على المحسوس والملموس، أي المادي الواقعي، فعندما نرى طائرا فإنه بالضرورة طائر وفق ما رأينا، غير انه يبقى علينا تمييز نوعه وبقية التفاصيل لبناء لوحة كاملة الاوصاف والتفاصيل.وهو نظر نشترك فيه مع من معنا شريطة أن ننظر سويا لنفس الشيء. 
فيما يعتبر النظر الباقي (القلب والعقل والروح والمراجع والمدارك والتجارب والمكاسب وغيرها) نظرا معنويا ذاتيا يعتمد على الأحاسيس والمشاعر والذاكرة واستحضار الماضي والمواقف المشابهة وغيرها،وهو نظر تقييمي يقوم على التحليل والتفسير والتعليل والتبرير واحكام العاطفة والوجدان والعقل وغيرها من السمات البشرية التي خص بها الله الإنسان عن غيره من المخلوقات. نظر يبني المواقف والاراء على أسس صحيحة تكون مرجعيتها الدين والعادات والتقاليد والثقافة والعلم والتعقل والعاطفة ايضا إذ لا يمكن أن نصل إلى رأي موضوعي ومحايد مائة بالمائة مهما حاولنا بالرجوع إلى النزعة الذاتية في كل قول وفعل....
ويبقى النظر بالاذن اعسر واتعس نظر واقربه إلى الخطأ بما أنه يبنى على القول ورؤية المتكلم ونظرته للأشياء التي غالبا ما تفتقد لابسط مقومات الموضوعية والمشروعية وبالتالي فإنها نظرة عدوانية مجانبة للصواب والحقيقة وحاملة لبصمات المتكلم، كأن نسمع أن كاتب هذا الكلام مثلا شرير فبني رؤيتنا على هذا الأساس لنراه شريرا ولم نره يوما اثر سماعنا لذلك الراي، وبالتالي فاننا من شبه المستحيل تغيير تلك النظرة وإن تحققنا من بطلانها لاعتقادنا ان الكاتب يختفي وراء قناع حتى لا يفتضح متى سلمنا برؤية الأذنين....
لذلك،فإنه من المستحسن التريث والصبز والتحقق من النطر مهما كان نوعه قبل إسناد الرأي أو الحكم على الشيء أو له، خاصة إذا تعلق الأمر عند النظر بالغير وارتبط به رجوعا إلى إمكانية اصطباغه به وحمله لمراجع المتعامل معنا ورؤاه واحكامه التي قد تتعارض وتختلف عن رؤانا واحكامنا.
___________________________________________
بقلم :ماهر اللطيف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق