الجمعة، 25 ديسمبر 2020

مقال تحت عنوان {{الحلم الضائع}} بقلم الكاتب التونسي القدير الأستاذ{{ماهر اللطيف}}


الحلم الضائع
---------------------
جمعتنا اللغة والدين والعادات والتقاليد وفرقنا ساستنا و رؤاهم الغريبة وغاياتهم الضيقة واهدافهم الخادمة ل"سادتهم" الطامحين في تمزيقنا وتشتيتنا والنيل منا، حيث زرعوا فينا الحقد والحسد والكراهية والبغض....
فبتنا ننعت اخواننا بشتى النعوت السلبية المسيئة لهم - ولنا في الأصل -  ونحاربهم معنويا وماديا ونحاصرهم ونعزلهم ونسعى للاطاحة بهم كلفنا ذلك ما كلف...
فنكفر هذا ونلحد ذاك، نرضى على هذا ونغضب على ذاك، نبتسم لهذا ونصيح في وجه ذاك، نشكك في عروبة هذا ونؤكد عروبة ذاك، نتعامل مع هذا وندعمه ونمد أيدينا لنساعده على القيام كلما سقط ونقاطع ذاك ونهدد كل من يتعامل معه....
فامسينا عرب عاربة وعرب مستعربة، عرب أصيلة وعرب مستهجنة، مسلمون ومتأسلمون، مؤمنون وغير مؤمنين.... ،مطبعون وعير مطبعين، موالين للغرب وامريكا وغير موالين...
وصرنا أضحوكة الأمم ومضرب أمثال التفرقة والتشتت والكراهية والعداء،مكمن الداء بالنسبة للانسانية ومورد رزقها بما أننا أمة مستهلكة مائة بالمائة ومنتجة للغباء والعراك والعنف والفتن والاغتياب و....
فنحن للأسف أمة كانت في الأصل "خير أمة أخرجت للناس" تنهى عن الفحشاء والمنكر وتأمر بالمعروف وحسن القول والعمل، فغرتنا الدنيا وملذاتها وجذبتنا طباعنا وذواتنا المريضة وثقافتنا التقليدية وتربيتنا المبنية على القوالب الجاهزة وانانيتنا المفرطة وغيرها من العوامل لنرتد أمة من أغرب الأمم واقساهم تدعو للتفرفة والتشتيت وقطع حبال المودك والوصال والتواثل وكل حسن بغية ركوب الأحداث وتزعم المشهد في كل ميدان وقطاع....
فنهشنا لحم بعضنا نهشا مقيتا وتناثرت بقايانا حتى تلاعب بها القاصي و الداني واضحينا معبرا لكل من دب وهب ومخلر تجارب للغير وميدان تخزين بقاياهم وفواضلهم وقماماتهم... ،ونحن نشمت في غيرنا - أخينا الذي يشاركنا اللغة والدين وغيرها من الصفات - وننتظر فناءه فناء تاما ولا نعلم أن في اندثاره اندثارنا...
فإلى متى نبقى هكذا قطيعا يقودنا رعاتنا قيادة عقيمة وجوفاء شعارها "الأقربون أولى بالعراك والخصام والتجويع والتشتيت والتقتيل والتشريد..." ،قطيعا نقطع كل مودة ومحبة واخاء ووفاء وإخلاص وغيرها؟، إلى متى نضيع وقتنا في الاغتياب والنيل من اخواتنا ومحاولة القضاء عليهم وغيرنا يعمل ويجتهد ويخترع ويطور ونحن نستهلك فتاته الذي يرميه لنا... ؟
الا يمكننا تجاوز هذه الوضعية والعودة إلى أخلاقنا وخلقنا وتفعيل "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتهون عن المنكر وتؤمنون بالله"؟ الا يمكننا مد أيدينا لمن سقطوا أرضا من إخواننا ونساعدهم على النهوض والسير من جديد جنبا إلى جنب معنا من أجل الإنسانية وتقدمها وتطويرها كما يفعله الآخر واكثر إذ انه بامكاننا فعل ذلك متى أردنا، فلا ينقصنا شيء غبر الإرادة والمبادرة وحب التغيير ونظافة القلب والفكر والعزيمة والتوكل على الله.  َ
لماذا لا توحدنا الشهادتان ويقودنا القرآن وقوانينه ويؤطرنا العلم والمعرفة ويقودنا الأمل والحلم لمجاراة الحياة وضمان الاستمرار والديمومة ونحن عنصر فاعل منتج فيها لا باهت مستهلك مثلنا مثل بقية الكائنات....
_________________________________________

بقلم : ماهر اللطيف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق