أيُّ الرجالِ عن الحوراءِ ينصرفُ
...
أيُّ الرجالِ عن الحوراءِ ينصرفُ
وفي معابدها الرهبانُ تعتكفُ
بيضاءُ لم تبصرِ الدنيا ملاحتها
تكاد من نورها الأبصارُ تُختطفُ
لما تراءت لعين الصبِّ طلعتها
رأيتُ شمسًا وخلتُ الشمسَ تنكسفُ
دع التعنّتَ في أوصافها عرضًا
فقد وصفتَ وما أوفيتَ إذ تصفُ
تكادُ عيناك لا تقوى لرؤيتها
كأنّها من حواري الخلد تنكشفُ
ويرجعُ التمرُ من أضراسها رطبًا
وهو الذي قبلُ في أعذاقه حشفُ
يخال رشفَ الظما من ثغر آنسةٍ
بأنّهُ الكوثرَ الرقراقـ يَرتشِفُ
الشعرُ ليلٌ إذا أرخت ذوائبَهُ
على مجاسدها تكاد تلتحفُ
والخصرُ من لطفه أو من نحافتِهِ
إذا يهبُّ نسيمٌ كاد ينقصفُ
تدنوا فتسحرُ ضرغامًا بمقلتها
وتشغف القلبَ إذ ترنو فينشغفُ
إنّ السيوفَ لتنبو عن مقاتلها
وسيف عينيكِ لا ينبو ولا يقفُ
يبدو بها دنفٌ لكنّهُ عجبٌ
أنّ الذي رامها قد شفّهَ الدنفُ
حتى حسبتُ ثمار الوصل دانيةً
وأنّني من ثمار الخلد أقتطفُ
ولا توافق في حال أردتُ معًا
أرضى فتختلفُ أنأى فتزدلفُ
تهبُّ في لمحة أهواءُ جامحةٌ
لكنَّ نفسي إلى عينيكِ تأتلفُ
وإن ظلمت عيونًا فيك قرتها
فإنّ في القلب ميلًا فيك ينتصفُ
إن كنتَ تخفي الهوى خوفَ الوشاةِ فقد
أسبلتَ دمعًا من الأشواقِ يعترفُ
أو كنتَ تزعمُ أنّ الحبَّ مفتعلٌ
علامَ دمعُك يوم البين ينذرفُ
أوكنتَ تخجل من إظهار موجدةٍ
فإنّما الدمع في بث الهوى شرفُ
ورحتَ تبحثُ في أطلالها عبثًا
ومن تذكّرها تكبو وترتجفُ
ويعذل الصبَّ أقوامٌ وما عدلوا
لو أنّهم من سهام الحبِّ قد نزفوا
نوازلُ الدهر قد يلقى معارِضةً
لكن عن الغيد لا يقوى فينعطفُ
إنّ المحبَّ إذا هاجت لواعجهُ
إلى أحبته للدار ينجرفُ
فلأحبةِ نارٌ ليس يطفئُها
سوى بشاشتهم أو بعضِ ما خلفوا
والنفس تضعفُ عن بُعدٍ يفتُّ بها
فليتهم يومَ جدَّ البينُ قد ضعفوا
حتى إذا لمحت عيناهُ باقيةً
من إثرهم ضجّت الدنيا بما يرفُ
فقد يملُّ الهوى في قرب صاحبِهِ
وديدنُ الصبِّ بعد البُعد يختلفُ
وقد تقلب هذا الدهر في عبَرٍ
حتى ترى الصبَّ عن دار الصبا يكفُ
شكوى المحب إلى أطلالها شغفًا
أن تُخبَرَ الغادةُ السمراءُ ما يصفُ
الحبُّ كالشهد محميٌّ مواردُهُ
وليس كلُّ فتًى يدنوا فيغترفُ
حبُّ الذين مضوا قبلًا لوجهتهم
وحدّثَ الدهرُ والأقلامُ والصحفُ
...
🇮🇶 الشاعر عبد القادر الموصلي
🌴🌴🌴🌴🌴
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق