اسماعيل عبد الهادي
أبو آمن
في قصيدته
يا أبَت ِ ..
إني أرى ااا فيك ريح مسجدنا
وعلى ناصيتك
أرى القدس
والمحراب
وفي وجهك .. يا أبت
أرى الذهاب
أرى الإياب
أرى الغياب
أرى الغربة
أرى العذاب
أرى وثيقة السفر
تذكّرني
بأنني لااااجئ
ف ل س ط ي ن ي
مشرّد ..
في م ن ا ف ي الْ عُ رْ بِ
و ا ل إ س ل ا م
يا أبناء عمي
وخالي
يا أهلي
وعشيرتي
يا أحرار
ويا خلّان
أرى بوجهك طرقا ممتدة
وألفا معوجّة
أرى حفرا
أرى ندبا
أرى في عينيك الناعستين
أحجية المسافر
وعلى خاصرات خدّيك
أرى الليمون والعنب
أرى العوسج
أرى الزعتر
أرى الحنّون
والدّحنون
أرى سنابل الشعير
والرمّان
أرى رغيفا من الخبز
كسحنة القمر
كالشمس
كالعرجون
وطابونة من الطين
والأحجار
دثّرها الدخان
فغدت
كمن تلبس الأحزان
وعلى البيدر
ناح خيمتنا بميمنة
أسمع قهقهات العذارى
وزغاريد النسوة الكبار
يغنين للأعراس
للأوطان
وقت السحور
بالإصباح
بالإمساء
ووقت الغداء
وعن ميسرتي
أسمع حِداء الراكبين
قبل ان يتنفس الصبح
وقد ركبوا وقد رحلوا
وعلى ظهور راحلاتهم
صلّوا
وتلاوة من القرآن
أسمعها
قبل الفجر بالعتمة
غدوت أحفظها
لكثرة
ما كنت أردّدها
وأسمعها
فقبل كل صلاة
يصدح القرآن
فنسمع البقرة
ومريم .. نسمعها
ونسمع يوسف والكهف
والملك نسمعها
والمعوّذتين والاخلاص
ونسمع تواشيح الفجر
وابتهالات الصبح
نسمعها
قبل الأذان
ما أجمل الفجر
ما أجمل العشاء
ما أجمل الثنتين معا
ما أجمل الصلااااة بمسجدنا
ما أجمل من حيّ
سوى ااا أختها حيّ
على الصلاة
وبعدها حي
على الفلاح
بصوت بلاااال
ونسمع تعاويذ المساء
ووشوشات الحيارى
بخدر النساء
زغاريد من وطني
وعن وطني
وأهزوجات عن العرس
وسواليف
وحكايا
وضحكات
وصوصوات نسمعها
وهديل وصفير يخالطها
وصوت زعيق
وصوت صراخ
وأفراح وأتراح
وولائم
قد مدّت
ووضيمات هنا
وهناك
قد رفعت
الكل حاضر هنا
حتى العجائز الكبار
ومن ولدوا حديثا
وبينهما صغار
لا غياب في أبجدياتهم أبدااا
ولا مفردات
وإبريق ماء من الفخّار
بلون تربتنا
على خرقة قديمة
أبلاها الزمان
ملقى و مضطجع
كمن ينام على حجر
وإبريق زيت
من الزيتون يحذوه
على حصير
من إدام اللحم
طعمه
أطيب
ونكهته
وخبز سميك
وبيض من دجاجات موشّاة
بألوان وجعتنا
بالسمن يقلى
على فوّهة
طابونة الخبز
على حطب
طعامه أشهى ااا
من الغنم
وحبات سود
وخضر
من الزيتون
لا شيء يشبه ملحنا والله
ولا زيتنا يشبه
ولا شيء يشبه الدخان
ولا شيء
يشبه الحداء
ولاااا شيء يشبه بيضنا
ولا شيء
يشبه الغناء
ولا شيء يشبه صخرنا العتيق
ولا بيتنا القديم
ولا شيء يشبه الأحجار
ما عندنا ..
لا يشبه الأشياء
ولا شيء يشبه وجهك
يا وليف الدار
ففي كل خط
أرى شارعا
مستقيما ساعة
ومرة مائلا
وفي كل نتوءة
جبلا أرى
و صدرك ..
كأرض ممتدة
وشعرا
بيّضه الزمان
يكسوه
كأنه أعشاب
وسواد عينيك
كليلنا الحالك المسود
وبريق ..
منهما ينبعث
يهديني إن ضعت
أو ضللت الطريق
فوطني .. مفعم بالأحجيات
وزاخر بالحكايا
ومترع بالأغنيات
ومشبع ومليء بكل صنوف
الشراب والثمرات
فوطني ..
لا يشبه الأوطان
وأرى على ناصيتك
يا أبت
أيام العيد
أراجيح الصغار
والآيبين من الحج أرينهم
والصبية الصغار
بكل باب حج
يرتجون إسورة وحلية
وبعضا من ماء زمزم
وتمرة ودعاء
وشهر الصيام في رمضان
مسحّر رائح
وآخر آت
وصلاة التراويح فيه
وقراءة القرآن
وأطعمة توزّع قبل الغروب
ولمّة هنا
وجمعة هناك
رمضان .. كله خيرااات
وأرى ااا
مواعيد الصلاة
وأرى يا أبت
قبلتنا الأولى
الاقصى وقبة الصخرة
وارى كنيسة المهد
أرى ااا حائط البراق
من قال
حائط المبكى ااا
فليس في قاموسنا
مبكى ااا
أرى القدس واحدة
لا ثنتين يا أبت
والقدس
كل القدس
لا لا تقبل القسمة
أرى صلاحا
أرى عمرا
أرى الاسراء
أرى المعراج
أرى السماء
هنا صلى محمد
إماما بصحبه
وهنا صلى الانبياء
هنا أسمع
قرع نعال نسوتنا
بساح أقصانا
يذدن عنه
ويحمينه
من عسكري طامع
غزا وطني
تدجّج بالسلاح
سرق كل أشيائي
وأحلامي
أرى وطني يا أبت
لنا وحدنا ااا
نعم
لنا وحدنا ااا
وأنه عائد والله
ولا عيش فيه
ولا مقام
ولا مكان فيه للمحتل أبدا
ولا للغزااااة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق