قصة
لحظة ضعف
الجزء التاسع والأخير
وفي الليلة الظلماء .. ؟
إستيقظت بعد ان حلمت بأني عطشة جداً
وأنا بالفعل كنت أشعر بالعطش ..
نهضت من سريري ، بدأت النزول من الطابق العلوي للأرضي قاصدة المطبخ لأشرب ، وأثناء نزولي على الدرج .. ؟
سمعت أصوات غريبة ، شعرت بالخوف
لكني قررت المواجهة ، هذا بيتي الذي قضيت فيه جل أيام عمري ، لن أخاف بل سأواجه ، كلماً إقتربت أكثر ، كان الصوت يعلو أكثر .. !
فتحت باب المطبخ بحذر وخوف كبير
كانت الصدمة كبيرة جداً علي .. ؟
زوجي بوضعية قذرة مع الخادمة .. !
توقف الزمن عند ذلك المنظر السخيف
زوجي الذي تجاوز الستين مع العمر
صاحب الملايين ، و ذو السمعة الكبيرة
التاجر فلان .. ؟
يعاشر الخادمة ، كم أنت قذر يارجل
تترك زوجتك لتعاشر خادمتها ..
لم أتكلم أبداً ، إكتفيت بالنظر إليهما فقط
كانت نظرة الإحتقار تكفي ليعرف حجمه الحقيقي ، أغلقت الباب ، وعدت لغرفتي
أبت عيناي البكاء ، بركان كان يغلي بداخلي ، بعد عدة دقائق دخل غرفتي
حاول تبرير موقفه ، وقبل ان يفتح فمه
لطمته على وجهه ، لم يرد علي ، خرجت وأغلق الباب ورائه ، أقسمت على الإنتقام
وبشدة ، ان أفعل مثلما فعل ، لكنني لم أستطع فعل ذلك ، منعتني أخلاقي وتربيتي وديني وتاريخ عائلتي ، لكنني حقدت كثيراً على الرجال ، وأقسمت على الإنتقام منهم بأي طريقة كانت ..
حاول ان يبدأ من جديد ، طلب مني ان ننسى ماحصل ، وأقسم على ان هذا الأمر لن يتكرر ..
تجاهلته ، بل عاقبته ، حرمته من كل شيء
عاود الكرة ، وحاول وجدد المحاولة ، وكل محاولاته بأت بالفشل ..
جن جنونه ، حطم ودمر ، كل ما فعل لم يحرك شعرة برأسي ، منع عني المصروف
عني وعن الاولاد ، بدأ الأمر يؤذيهم بالفعل
لكني لم أرضخ له ، كنت لهم الأم والأب ..
زاد غضبه ، أصبح وحش غليظ القلب
قرر سحب الأولاد مني ، هنا ضعفت ..
وإستسلمت له ، أخذ مني ما أراد عنوة
نعم .. أخذ ماأراد مني جسداً فقط
كان اللقاء مقزز ، وأنا معه تمنيت الموت
شعر بالإنتصار علي ، نفش ريشه كديك رومي ، تبختر بمشيته ، كم أكرهه ..
كانت تلك لحظة إستسلامي له .. لحظة ضعف .. ؟
شعرت بتقزمي وهواني ، لحظة الضعف خلقت بداخلي جنين التحرر والكبرياء
تلك هي ردة فعل طبيعية لأي إنسان يحترم ذاته ويعتز بنفسه ..
فكانت لحظة الولادة حاضرة ..
وبعد مخاض طويل .. ؟
ولدت إمرأة حرة قررت تحطيم كل قيودها
لتبدأ من جديد ، قبلتها الشمس مصدر النور ، هي إمراة من نور ، هي تستحق العيش بكرامة ، وان تفرض إحترامها بأفعالها وليس بالتمني .. !
ياسيدي ..
أنا لم أتي لكوخك من فراغ ، كنت مسيرة ولست بمخيره .. ؟
الآقدار هي من قادتني لدرب كوخك ، لتغير قناعاتي الخاطئة ..
نعم .. كنت على خطأ كبير ، كرهت كل إبن آدم ، ولاني ظلمت ، ساقتني الأقدار إليك لتثبت لي بأنني كنت مخطئة ، من ظلم لايظلم ، هذا هو الدرس الذي أرادت الآقدار ان تعلمني إياه ، لتكون ولادة تلك المرأة ، ولادة نقية ، وتكون نقطة إنطلاق حقيقية نحو الخير والنور ..
عندما طرقت باب كوخك ، سقطت مغشياً علي ، حملتني على كتفيك ، جردتني من كل ملابسي التي تسترني ، لكنك لم تلمسني ، وكان بإمكانك فعل ماتريد ، أنت من زرع بداخلي بذرة الثقة بالآخرين ..
وغير نظرتي لآدم ..
نعم .. أنت ياسيدي من فعل ذلك
أشكرك على كل شيء فعلته من أجلي من دون ان تحصل على مقابل ..
حواء ليست ضعفية كمخلوقة أبداً ..
لكنها تريد ان تستمر الحياة ، لو رفعت رآيات الحرب سيخسر الجميع ، وأول الخاسرين الرجال ..
صمتت بعد ذلك ، نهض الرجل وإتجه نحو باب الكوخ ، فتح الباب وخرج ، أشعل سيجارة ، نظر للسماء ، كانت ليلة مقمرة
لم يتكلم ، دخن سيجارته ، عاد بعدها للداخل ، وجدها نائمة ، إقترب منها بصمت
ثم إنحنى على رأسها وقبله ، وبصوت خافت قال ، هي لحظة ضعف ليس أكثر
عاد لكرسيه ونام ..
فتح عيونها ، وقالت نم ياسيد الرجال
إستيقظ في صباح اليوم التالي ، نظر لسرير ، وجدت الرسالة خالية ، وفوقها رسالة تركتها زائرة الليل .. ؟
فتح ببطء شديد ، قرأ ما كتبت ، بكى بحرقة ، ثم قبل الرسالة ، وضمها لصدره
وقال .. ؟
رحلت سيدة النور ..
حزن كثيراً لرحيلها ، شعر بوجودها في كل أركان الكوخ ، كان شعلة من نشاط ، عبس إبتسم ، بكى ، أغمض عينيه ..
لن أنساك ..
بعد ثلاثة أيام ..
قدم رجال الشرطة ، كان معهم رجل ستيني ، والنعمة واضحة عليه ..
لدينا معلومات تفيد بوجود سيدة أربيعنية تسكن معك في كوخك ..
نعم ..
هي زائرة الليل .. ياسيدي
قدمت من العدم ، ورحلت للنور ..
طرقت باب كوخي بليلة مظلمة باردة مثلجة ، فتحت الباب وجودت مستلقية على ظهرها ، كانت فاقدة للوعي ..
أدخلتها وسهرت على رعايتها مدة طويلة
وعندما إستعادت عافيتها رحلت كما جاءت ..
الا تعرف الى إين رحلت .. ؟
نعم .. أعرف ..
إين رحلت .. ؟
للشمس ..
ماذا .. ؟
للشمس .. أتستهزء بنا ياهذا ..
معاذ الله ان أكون من المستهزئين ..
أقسم لكم بأنها رحلت للشمس
أظنه رجل مجنون ياسادة ، هيا بنا فالنذهب لنبحث عنها في مكان آخر ..
ضحك الرجل بصوت عال زلزل التلة تحت أقدامهم ..
هيا فالنرحل من هنا ..
وأثناء نزولهم ..
قال صاحب الكوخ للثري ..
أنت .. أيها الثري ، لكن الثري لم يتوقف
إن وجدتها عاملها بالحسنى وكن رجلاً
أنت لاتستحقها أبداً ، هي بحاجة لرجل حقيقي ، وليس لحصالة نقود ..
هذا واقعك .. ؟
أنت لاشيء من دون تلك النقود ، وهي سيدة خلقت من نور ، مكانها الشمس
لايليق بها مستقعك القذر ..
هي الآن تتربع على عرش الشمس بمملكة النوم ..
وتعالت ضحكاته الهستيرية لتبلغ عنان السماء ..
أغلق باب كوخه ، ونظر للمدينة ، أنا عاد
لأصحح كل الأخطاء التي وقعت فيها
يجب ان ننكر الذات ونسامح ، يجب ان نضع نقطة النهاية لنبدا من جديد حياة
مشرقة كلها حب وتسامح ..
شكراً لك يا أميرة الشمس ، لقد زرعتي بداخلي حب الحياة ..
تمت
جاسم الشهواني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق