الأربعاء، 27 أبريل 2022

قصيدة تحت عنوان{{البُعدُ حياة}} بقلم الشاعر المصري القدير الأستاذ{{حسام الدين صبرى}}


 البُعدُ حياة

---------------------------
رَاقَ لِيَ الغِيَابُ فَلقدْ أدمَاني
        أدمَاني الحضُور
وتَركتُ العَرشَ راضِيًا واقتَلَعتُكَ.
       اقتَلَعتُكَ مِنَ الجذُور
وفَرطتُ في المُلكُ فَمَا استَثنَيتُ 
        أرضًا أو بحُور
وأودعتُ قلبي شَجَرةً لاَ يُراقِصُها 
النَسِيمُ ولاَيَشدوٌ عَلَيهَا.  عُصفُور
وكَتبتُ عَلى صفحاتِ الماء إنِّي عَائدٌ
        كَعَودةِ الطيُور
واستَعَرتُ مِنْ دفَاتِر الأحزانِ كَلِمةً 
          لِأُنعِى مَوتَ الزهور
وأقَمتُ الليل عَزَاءً فِي فَقِيدٍ  لَيسَ
            لَيسَ بِالقُبور
وشَطبتُ اسمكَ مِنْ صفحاتِ الهَوى 
وقَد كَانَ اسمُكَ  نَقشُ محفُور
وخَرجتُ عَنْ قانون أُلوهِيتِكَ وأطَحتُ 
             بِهذا الدستُور
وفتحتُ رموزَ قُيودِي وهَاجرتُ الكَهف
                المسحُور
 هَكَذا أنَا حِينَ أحِب أقِيمُ الليلَ احتِراقًا 
وأشواقًا وأهبُ أيَامِى أهبُ أيَامِى نُذُور
وحِينَ أهدَرُ أمحُو التَاريخَ كُلَّهُ وآتي 
      بِعصُورٍ غَيرَ العصُور
مَنْ قَالَ أنَّ البُعدَ مَوتٌ؟ فَالبُعدُ حياةٌ 
             لِكُلِ مهدُور
ودواءٌ عظيمٌ ولو مُرًّا لِذِي القلبِ المَنحُور
مَضيتُ في ساحة الدنيا والشَوقُ 
           يُدَاعِبُ السطُور
وكُلَّمَا حَاولتُ العَودةَ كَانَ المَشهدُ في 
             رأسِي يَدُور
يسرقُني الحَنينُ يومًا ويجتَاحُني الكُرهُ 
           شُهوراً وشهُور
وإذا حَلَّ بِي الظَّمأُ أتَذكرُ أنَّه لاَ ماءَ أبداً
           أبداً في الصخُور
يَحلو البُعدُ ويَروقُ لِي فَلاَ كَانَ ألمًا ولاَ
 مشَيتُ والشَوكُ لِي منثُور
فَلاَ تُفَتِِشُ عن ذنوبي فَإنْ كَانَ البُعدُ ذنبًا 
            فَهوَ حَتمًا مغفُور
أنَا إنْ كُنتُ في عَينَيكِ قَاتِلٌ ففِي عَينِ الدُّنيا 
             أنَا المقتُول
فَكُلُّ ما أهدَيتَني كَانَ وهمًا كَانَ كَذِبًا 
            وأصبحَ هبَاءَ منثُور
رَاقَ لِي البُعدُ فَلَا تُفَتِش عن ذنوبي إني
       رحلت مهزوما مكسُور
إنْ كَانَ الرحيلُ خطِيئتي فَإنِّي رحلتُ 
إلى سَاحةِ الدنياأبحَثُ عَنِ النُور
رحَلتُ حِينَ كَانَ رِحَابُكَ أشدُّ ظُلمَةً 
            مِن ظُلمةَ القبُور
--------------------------------------------------------------
حسام الدين صبرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق