السبت، 7 يناير 2023

قصة قصيرة تحت عنوان{{بِدَايَةُ النِهَايَة ؛ نِهَايَةُ البِدَايَة}} بقلم الكاتب القاصّ الفلسطيني القدير الأستاذ{{سامي يعقوب}}


الكِتَابَةُ بِأَبْجَدِيَةٍ ثُنَائِيَّةِ التَرقِيْم :

بِدَايَةُ النِهَايَة ؛ نِهَايَةُ البِدَايَة .

     سَمِعْتُ ( النَايْن - 9 ) و كَأَنَّهُ يُكَلِمُ نَفْسَهُ : -اخْتَفَى دَرْبُ الرَحِيْلِ خَلفِيَ ، و تَفَتَّتَت خُطَى الرِيْحِ مُوجَعَةً ، تَعْدُو مَعَ الأَيَامِ فِي ذِكْرَى ، سَوْفَ لَن تَأتِي أَبَدًا ، إِلَّا بَعْدَ أَن يَتَوَسَدَ الفَرَاغُ سَرِيْرَ عُزْلَتِي - ،  مَا سَمِعْتُهُ كَانَ مُثِيْرًا عَظِيْمًا لِفُضُولِي ، و كَالعَادَةِ قَطَعْتُ بِضْعَ خُطُوَاتٍ ، لِأُجَالِسُهُ عَلَى الرَصِيْفِ ، هُنَاكَ فِي مَكَانِهِ المُعْتَاد ، و مَا أَن جَلَسْتُ قُربَهُ ، حَتَّى لَاحَظْتُ بِأَنَّهُ غَارِقٌ بِالكِتَابَةِ ، عَلَى هَاتِفِهِ الذَكِيِّ ، لِلدَرَجَةِ التِي لَم يَشْعُرُ بِوُجُدِي ، فَالتَزَمْتُ الصَمْتَ أَقْرَأُ حُرُوفَهُ ، و قَدّ أَكْمَلَ : - وَقْتَ سَافَرَت بَعْضُ العَوَاصِمِ ، مَعَ المَكَانِ هُنَاكَ خَلْفَ الهِضَاب ، يَعْلُو قِمَمَهَا ضَبَابٌ مُشْبَعٌ بِبُخَارِ المَاءِ ، تَنَدَّى دَمْعًا لِشَقَائِقِ النُعْمَان ، و غَسَلَ ذُبُولَ الخَرِيْفِ فِي زَهْرَةِ نَرْجِس ، و هَمْسَ الشِتَاءِ ، مِن بَحَةٍ تَكَادُ تَكُونُ بَكْمَاءَ ، لِتُخْبِرَ سَمْعَ الجِيَاعِ ، بِأَنَّ مَوْتَ الأَمْسِ ، قَد شَهِدَ احْتَضَارَ الرَغِيْفِ لَيْلَ البَارِحَة ، بَعْدَ بُزُوغِ نَجْمَةِ المَسَاء ، و عَلَى اسْتِحَيَاء ، و قَبْلَ أَن يَرْحَلَ الغُرُوبُ ، نَوْمًا بِلَا إِيَابٍ مُسْتَاءً مِن لَوْنِ الأُفُق - .

     التَفَتَ إِلَيَّ مُتَنَبِهًا لِوُجُودِي ، فَسَأَلتُهُ عَن مَعْنَى مَا كَتَبَ ، لِيُجِيْبَ و صَوتُهُ فِيْهِ بَحَةُ اسْتِيَاءٍ مَمزُوجَةً بِالغَضَب ، و قَالَ : هُوَ الهَوَسُ فِي الآلِيَّةِ المَادِيَةِ لِلبَحْثِ عَن الخَالِق ؛ تَجْسِيْمُ الخَالِقِ مَادِيًّا .، بِاعْتِبَارِ الخَالِقِ جِنْسًا مُتَطَوِرًا عَنَّا ، يَعِيْشُ فِي كَونٍ لَامُتَنَاهِي ، عَلَى بُعْدِ مَلَايِيْنِ السِنِيْنِ الضَوئِيَّة ؛ ( مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الحَقُ ) ، ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) .

     قُلْتُ بِدَهْشَةٍ : جِدًا جَمِيْلٌ مَا قُلْت ، ابْتَسَمَ سَاخِرًا و مَن يَهْتَمُ لِهَذَا !؟ ، أَجَبْتُهُ : أَنَا مُهْتَمٌ بِشَغَفٍ لِمَا تَقُول ، فَأَكْمِل ، قَالَ : بِبَسَاطَةٍ ؛ هُوَ وَثَنِيَةُ الأَلفِيَّةِ الثَالِثَة ، مَعَ اخْتِلَافِهَا مَع وَثَنِيَّةِ مَا قَبْلَ المِيْلَاد ؛ بِأَنَّ مُعْتَنِقِيْهَا ( هَذَا مَا وَجَدُوا آبَائَهُمُ عَلَيْه ) ، و لَكِن لَيْسَ جَهَلًا أَو كَمَا قَالَ الخِطَابُ الإِلٓهِيِّ ( أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) ، هُنَا كَانَ آبَائُهُمُ يَعْقِلُونَ الحَقَّ ، و يَعْرِفُونَهُ جَيِّدًا ، مِنّذُ آمَنُوا بِرِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَلَام ، ثُمَّ ارتَدُوا عَابِدِيْنَ عِجْلَ دَجَالِهِم ( السَامِرِيِّ ) ، بَعْدَهَا عَادُوا و تَابَ اللهُ عَلَيْهِم ، و مَا فَتِئُوا أَن أَشْرَكُوا ، و نَالَتْهُمُ تَوبَةُ اللهِ ؛ التَوَابِ ، الغَفُورِ ، و الرَحِيْم .

    مَا قَالَهُ أَشْعَلَ فِي رَأسِي سُؤَالًا : و لَكِن بِاعْتِقَادِكَ هَل يَتَحَدُونَ الذَاتَ الإِلٓهِيَّة ، بِمَا فَعَلُوا !؟ ، ضَحِكَ مُقَهْقِهًا قَبْلَ أَن يَقُول : فَعَلُوا !!! ، و مَا زَالُوا يَفْعَلُون ، مُتَحَدِيْنَ النُذُرِ الرَبَانِيَّة ، ( وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍۢ مِّنْ ءَايَٰتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) ، قَاطَعْتُهُ قَائِلًا : لِمَاذَا !؟؟ ، عَادَ لِيَضْحَكَ مُقَهْقِهًا قَبْلَ أَن يُفَاجِئَنِي : هُوَ عَقْدُهُمُ المُلْزِمُ مَعَ الشَيْطَان ، بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّهُمُ ؛ شَيَاطِيْنِ الإِنْس ، و مَا آمَنُوا يَوْمًا بِاللهِ ، كَخَالِقٍ لَهُمُ ( العَبْدُ - المَخْلُوق ) .

     نَظَرَ إِلَيَّ مُبْتَسِمًا و قَالَ : المُخَطَّطُ شَيْطَانِيُّ جُنُونِيُّ يَا صَدِيْقِي ، و الجَانِبُ الأَهَمُ بِهِ ؛ هُوَ قِيَامُهُمُ بِتَجْنِيْدِ الكَثِيْرُونَ مِن هَذِهِ الأُمَةِ ؛ المُسْتَهْدَفَةِ قَدِيْمًا لِمَعْرِفَتِهِم ، بَأَنَّهَا العَدُو الذِي سَيَقْضِي عَلَيْهَمُ ، و شَيْطَانُهُمُ الأَعْظَم ، هُم مُنْذُ بَدْءِ الخَلْقِ ؛ أَعْدَاءٌ لِلَهِ ، ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ) ؛ هَذَا هُوَ الغَضَبُ الإِلٓهِيِّ ، الذِي سَيَقْضِي عَلَيْهِم و مَن وَالَاهُم ، ثِمَّ غَابَ عَنِّي فِي غِشْيَةِ تَأَمُلٍ بَعِيْدَة ، و فَجْأَةً قَالَ : لَكِنَ مُخَطَطَهُم نَجَحَ فِي بَرمَجَتِنَا ، و مُنْذُ عُقُود ، و الآنَ بَاتَ - كَمَا يُقَالُ - اللَعِبُ عَلَى المَكْشُوف ، و بَاتَ هَذَا الهَاتِفُ ، الذِي يُحْمَلُ مِنَ الجَمِيْع ، بِاخْتِلَافِ الفِئَةِ العُمْرِيَّةِ أَو الجِنْس ، هُوَ سِلَاحُ إِلٓهِهُمُ ( دَجَالُ ) أَولِيَاءِ الطَاغُوتِ الرَئِيْس و الأَكْثَرُ فَعَالِيَّةً و تَأثِيْرًا .

     قُلْتُ لَهُ إِن صَحَّ مَا تَقُولُ ، فَقَدَ زَرَعَ الرُعْبَ فِي دَاخِلِي ، و مَاذَا نَفْعَل بِالهَوَاتِفِ و شَبَكَاتِ ( الوَاي فَاي ) ، عَادَ لِيُجِيْبَ مُقَهْقِهًا : ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون ) ، دَعْهَا لِلَهِ هُوَ مَن سَيُسَخِرُ مَن يَسُومَهُمُ سُوءَ العَذَاب ، و لَرُبَّمَا بِنَفْسِ أَسْلِحَتِهِم ، بَعْدَ صَحْوَةِ النَومِ مِن أَحْلَامِهِ التِي تَخُونُه ، ( حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

05 : 38 AM
December, 30, 2022

سامي يعقوب . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق