الجمعة، 20 يناير 2023

قصة قصيرة تحت عنوان{{قلوب فارغة}} بقلم الكاتبة القاصّة العراقية القديرة الأستاذة {{ظلال حسن}}


قلوب فارغة

أَيْنَ رَحَّلَتْ كَانَتْ عَيْنَايَ تْتِدَاوِرْ يَمِينً وَيَسَارًا مِنْ خَلْفِ اَلنَّافِذَةِ وَأَنَامِلِي تَلْتَفُّ حَوْلَ قُضْبَانِ اَلنَّافِذَةِ بِشِدَّةِ وَكَانَتْ اَلسَّاعَاتُ كَأَنَّهَا خُطُوَاتُ سُلَحْفَاةُ مُعَمِّرَةٍ أُرَاقِبُ خُطُوَاتُهَا وَلَامْجَئْ لَهَا هِيَ طُفَيَّا فِي حَيَاتِي حَتَّى تَشَتُّتٍ عَقْلِيٍّ وَبَدَأَتْ اَتْسَالْ هِيَ هِيَ حَقًّا حَقِيقِيَّةً أَمْ أَطْلَالٍ فِي أَيَّامِي فِي وَحْشَتِي بَيْنَ جِدَارِ اَلسِّجْنِ وَمُنَفِّذِي لَيْسَتْ صَوْتَ صَرِيرِ اَلْبَابِ وَلَيْسَ هَوَاءُ اَلنَّافِذَةِ إِنَّمَا تَغْرِيدَةُ طِفْلَةٍ تُدَنْدِنُ تَحْتَ اَلنَّافِذَةِ وَاسْتَمَعَ لَهَا وَأَحْيَانًا أُكَلِّمُهَا أُرَدِّدُ كَلِمَاتُهَا كَانْتِي طِفْلاً لَايِرْدِدْ إِلَّا كَلِمَاتِ أُمِّهِ وَحِبَالِي اَلصَّوْتِيَّةَ لَاتْخَرَجْ إِلَّا مَعَهَا تَجْرَائْتْ بِأَنْ أُحَطِّمَ زُجَاجُ اَلنَّافِذَةِ اَلَّذِي كَانَ مُضَلِّلاً بِاللَّوْنِ اَلْأَسْوَدِ كَأَنَّهَا حَيَاتِي فِي هَذِهِ اَلْغُرْفَةِ كَأَنَّهُ اَللَّيْلُ دُونَ جَدْوَى أَنْ تَخْرُجَ اَلشَّمْسُ قَبَضَتْ يَدَايَ وَبِقُوَّةِ حَطَّمَتْ اَلزُّجَاجَ وَبَدَأَ يَسِيلُ يُدْمِي رَائِيَتُهَا زَلَمْ تَكُنْ طِفْلَةٌ كَانَتْ عَلَى هَيْئَةِ مُلَّاكٍ كَانَتْ عَيْنُهَا زَرْقَاء كَسَمَاءِ رَبِيعْنَا وَوَجْنَتَيْهَا اَلْمُوَرِّدَتَانِ مَشرَّبْتَا بِحُمْرَةِ فِبِتْسَمْ ثَغْرُهَا وَأَخْرَجَتْ لُؤْلُؤَةُ أَسْنَانِهِ وَلَكِنَّهَا طِفْلَهُ لَاتْمِتْلُكْ جَمِيعَ اَلْأَسْنَانِ وَكَانَتْ جِسْمُهَا يَحْمِلُ لَحْمًا وَتَرْتَدِي فُسْتَانًا كَانَهَا بَدَلُهُ عُرْسًا وَذَاتِ حِذَاءِ فِضِّيٍّ كَانَهُ قِطَّةً مِنْ اَلْقَمَرِ وَلَهُ صَوْتًا يُمَيِّزُ خُطُوَاتِهَا فَأَطْرَبَ عَلَى صَوْتِهِ تَسَارَعَتْ نَبَضَاتِي بِأَنَّ اَحْتُويهَا بَيْنَ أَضْلُعِي يَا لَهَا مِنْ مَاسَّةٍ نَقِيَّةٍ فِي طَبَقِ دُرِّيْ رَأَيْتُ فِيهَا دُنْيَا وَاسِعَةٌ رَغْمَ وُجُودِي فِي مَكَانِ ضِيقٍ فِي اَلْحَقِّ وَفِي اَلْأَمْتَارِ كَأَنَّهَا مُقْبِلٌ عُمْرِي اَلَّذِي سَرَقَ وَاخْتَبَأَ فِي اَلزَّنَازِنَهْ ضَلْمَا لَمْ تَخِفْ وَلَمْ تَرْتَعِشْ مِنْ كَثَافَةٍ شَعَرَ لِحْيَتِي وَتَحْدِيقَ وَصِغَر عَيْنَايَ وَالدَّمُ اَلَّذِي يَسِيلُ مِنْ يَدَايَ لَكِنَّهَا رَفَعَتْ رَأْسَهَا مُسْرِعًا وَتَنْظُرُ إِلَى كَأَنَّنِي هَرَمًا خُوفُو إِلَّا أَنَّهَا اِرْتَعَبَتْ مِنْ صَوْتِ وَقَرْعِ أَجْرَاسِ اَلسِّجْنِ لِلْبَحْثِ عَنِّي فِي فِنَاءِ اَلسِّجْنِ لِأَنَّنِي كُنْتُ قَرِيبًا مِنْ نَافِذَتَا تَمْكُث فِيهَا هَذِهِ اَلطِّفْلَةِ

ظلال حسن/العراق 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق