السبت، 19 أغسطس 2023

ج(الثالث) من قصة {{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


(في عتمة الحافلة)
   سلسلة قصصة
  "الموسم الرابع"
         ٢٠٢٣
-----------------------------------------------------

         -٣-
        قلب 

مشيت بتثاقل ،ووقفت أمام المرآة ..دهشت عندما رأيت مظهري في إنعكاسي على المرآة وأنا أرتدي الروب ديشامبر المنزلي الثمين.
الشعر الأصفر الطويل والذي كان مزيج مابين اللون الأصفر والأبيض ،هو أشبه بمرج البحرين.
حيث إختار الشيب أن يغزو النصف وأن يترك باقي الشعر الأصفر ؛ربما للذكرى. 
البشرة البيضاء ،الوسامة ،العينان الزرقاوتان، 
بينما كنت أتمعن النظر بجسدي ووجهي الجديد  في المرآة ،في تلك اللحظة إختفى إنعكاسي وظهر وجه أخر بدلا مني ،كان وجهه جميل ،لكنه ليس أنا الحالي ،ولاهو وجه طفولتي ..أنه ليس أنا.
قال :
-أسعدت صباحا ياعزيزي؟
-صباح الخير، لكن من أنت.
-أنا رفيق دربك ،ظننتك ستتعرف علي  لمجرد رؤيتك لي ؟
-أنت لست أنا ،المعذرة ..لم أتعرف عليك بعد.
-نعم هذا صحيح ،لكني صديق روحك طوال حياتك..عموما أنا قبلت اعتذارك؟
-وكيف تكون صديق روحي دون أن أرك طوال حياتي ولو مرة واحدة.
- يكفي أن أرك أنا ،وأن تشعر بي أنت ؟
-حسنا..بما أنك رفيقي أريد أن أوجه لك سؤالا .
-تفضل؟
-أين أنا الأن.
-أن روحك الأن تمتلك وجه وجسد أجمل من السابق بكثير ؟
-نعم لقد رأيت إنعكاسي على  المرآة.
-لعلك تتساءل الأن عن سبب ظهوري أمامك ؟
-نعم هذا صحيح.
-بما أنك أقدمت على أخذ عقار الشباب الدائم، سوف أسدي إليك نصائحي بين الحين والأخر ؛أولا عليك الاعتماد على ذكائك..بشأن اغتنام  الفرص واستغلال كل ماتراه من ملذات الدنيا ،وإلا ستكون أكثر البشر غباء؟
-ماذا تعني.
مااعنيه هو أن الرغبة ستلح عليك كثيرا وإما أن تلبيها أو أن تعيش في شقاء دائم ؛مع فحولة الشباب، والحرمان ؟
-............. .
-إن طالبتك غريزتك فعليك أن تلبي دون التفكير بالوسيلة ؟
-أريد توضيحا أكثر يارفيق روحي.

لكن قبل أن يجيب إختفى من المرآة وظهرت أنا ..لكن ..أنا الطفل على المرآة بثياب الرياضة  البيضاء الجميلة ،وقلت لانعكاسي الطفل بارتياح:
-الحمد لله أنك لازلت معي ؟
قال:
-لقد أخبرتك بأني لا أستطيع الإبتعاد عنك أبدا،فنحن روح واحدة. 
-لكن من ذاك الذي ظهر أمامي قبل قليل ؟
-دعك منه ،لا تصغي إليه.
-لكني أرى  بأنه  يمتلك قدرة على الإقناع؟
-عندما يحدثك لاتستمع إليه وحاول أن تشغل تفكيرك  بأمور أخرى،الأن سأذهب.. لقد حضرت زوجتك ..والأن إلى اللقاء ياعزيزي ..شافاك الله وعافاك.
-شافانا الله و..وعافاني..لم أفهم.
لكنه إختفي من المرآة .
إقتربت زوجتي مني، والتي بدت في العقد الثالث من عمرها ،ماأن رأيتها حتى تذكرت بأنه قد مضى على زواجنا مايزيد عن العقد ،وقد تم زواجنا بعد علاقة حب طويلة ،وجميلة ،وقد كنت أكبرها بعشرة سنوات ؛أي أنا الأن في العقد الرابع من عمري. 
شعرت بالارتياح عند رؤيتها ،فأنا 
 لاأحتمل بعادها لحظة ،بالرغم من أنها تمضي إكثر وقتها في العمل  خارج المنزل كمسؤولة، وهي دائمة السفر.
قالت :
-ماهذا ياعزيزي..أنت لاتزال ترتدي الروب ،هيا ارتد ثياب الخروج حتى لايفوتنا موعد الطبيب؟
قلت :
-أن إرتدائي لثيابي لايأخذ مني وقتا.
حاولت ضمها وتقبيلها ،لكنها أبعدتني برفق وقالت مذكرة:
-أنت تعلم بأنك ممنوع من أي إنفعال عاطفي ياعزيزي؟
شعرت بالغضب كالطفل الذي عومل بجفاء، وتوجهت إلى خزانة ثيابي وإرتديت بدلتي وخرجت ،وقلت لها:
-ها أنا جاهز ،أن إرتداء الثياب لايأخذ مني وقتا طويلا؟
خرجنا معا ..كان مدير أعمالها  المقرب يقف بين إثنين من الحرس ،وورائهم طائرة عجيبة ،جميلة الشكل ،تذكرت على الفور إنها طائرتنا الثمينة إسوة بباقي الأثرياء هنا .
صعدنا وجلسنا في حجرة أشبه بصالة مصغرة ،كانت تسر الناظر ،بحيث بدت كمنزل صغير ،كانت ستارة تفصلنا عن حجرة   مدير أعمالها والحرس ،وحجرة القيادة .
كان أمامنا طاولة فوقها أزهار رائعة ،
ذات رائحة طيبة، حلقت الطائرة ،وقالت زوجتي من خلال المايكروفون تحدث قائد الطائرة:
-إلى طبيب زوجي ؟
وصلنا الصوت:
-حاضر سيدتي؟
ملت عليها بسرعة وإختطفت منها قبلة ،شعرت بالضيق وقالت:
-قلت لك ياعزيزي مرارا  بأن لاتقم بتلك الأفعال التي أصبحت ممنوع عنها بسبب وضعك الصحي ؟
-أفففف لكني لاأحتمل ذلك.
-وقلبك أيضا لايحتمل؟
دقائق معدودة وهبطت طائرتنا في ساحة كبيرة تخص مركز طبي ضخم جدا .
فتح الباب ..وقف مدير أعمالها والحرس أمام الباب ،انحنى و قال :
-تفضلوا ؟
نزلنا، ثم دخلنا إلى المبنى ..ضغطنا على زر المصعد..وعندما فتح الباب كان المصعد يتسع لأكثر من ثلاثين شخصا ،
ضغطت الرقم "٥٠" الموجود على اللوحة، دقائق معدودة وكنا أمام عيادة الطبيب الشاملة .
*    *     *      *     *     *     *      *     *     *     *
بعد الفحوصات الشاملة قال الطبيب محذرا:
-أنا أرى بأن درجة الرغبة قد إرتفعت وبالتالي قد تأججت بجسده بشكل خطير  ،أعود وأذكرك ؛لايسمح لك بالرغبة العاطفية أو الجسدية ؟
ثم نظر إلى زوجتي وقال معاتبا:
-ماذا حدث ياسيدتي ..أخبريني وبصراحة ؟
-ههههههه ماذا أقول لك أيها الطبيب ،قبل قليل باغتني و إختطف
مني قبلة .
-ها ..نعم نعم ؟
ثم نظر إلي وقال ممازحا:
-نحن رجال ونفهم بعضنا جيدا..أنا متفهم لوضعك، واقدر ماتشعر به من حرمان، لكن عليك بالصبر حالما تعرض على البروفيسور، أتفهم ياعزيزي ، أصارحك وبدون مزاح هذه المرة، أن وضعك الصحي خطير ..ها أنا  قمت بتنبيهك؟
ثم قال لزوجتي :
-لكن أرجو إيجاد وسيلة لتسليته وخدمته أثناء غيابك عن البيت ياسيدتي  فأن الوحدة قاتلة ،كذلك هي محفزة على الرغبة و ستعطي نتائج عكسية على صحته،فزوجك مرهف الحس ،أهنئك عليه؟
-تمام ..أفهم ذلك.
*    *     *     *     *     *     *     *     *     *    *
في الطائرة ضغطت زوجتي على زر ،ففتحت الستارة بيننا وبين مدير أعمالها والحرس ، وقالت موجهة كلامها لمدير أعمالها :
- أنا سوف أغيب عن البيت عدة أيام ،وما أرجوه منك هو إيجاد وسيلة لزوجي وبسرعة كي لايشعر بالملل والحده ؟
-حاضر وعلى الفور ،لن أتأخر عن ذلك سيدتي.
*    *    *    *     *      *     *      *     *     *     *
في اليوم التالي  قرع جرس الباب ،رديت  من خلال المايكروفون:
-من ؟
وصلني صوت مدير أعمال زوجتي :
-أنا توني ،أرجو أن تفتح لي الباب ياسيدي؟
توجهت إلى الباب ..ما أن فتحته حتى رأيته أمامي  بينما تقف إلى جانبه  إمرأة رائعة الجمال ..فاتنة ،ترتدي الفستان القصير جدا ،والذي يكشف عن كل مفاتنها..بهرت بجمالها الذي يسلب العقول ،قال توني :
-أنها الخادمة ياسيدي .

(يتبع....)
تيسيرالمغاصبه 

١٦-٨-٢٠٢٣ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق