الخميس، 7 مارس 2024

نص نثري تحت عنوان{{الوداع}} بقلم الكاتبة التونسية القديرة الأستاذة{{رفيعة الخزناجي}}


الوداع

وددت أن أخط ما يخالج صدري من أحاسيس ، لكنني سرعان ما تراجعت ، لا لشيء ، سوى لأن تلك الأحاسيس أو ذلك الإحساس يبدو غريبا ، ما استطعت وصفه ولم أجد له تعريفا ولا إسما ، أو قل  ..... ما زلت لم أفهمه بعد ... ربما ... يجوز ... أو يمكن الله سبحانه وتعالى لا يود أن أخرجه من مكانه ، ربما بقاؤه بين الضلوع ، أحسن بكثير من أن يكشف ...
نعم  هو إحساس غريب وموجع ، حين تعلم أن بين الحياة والموت ، خيط رفيع ورفيع جدا ، فستفكر بدل المرة ألف مرة وستتساءل  بدل السؤال ألف ، فلم التكبر ؟ ولم  التجبر ؟ ولم الخصام والشقاق ؟ لم البعد بدل القرب ؟ لم الهجر بدل اللقاء ؟ لم ... ولم ... وما .... وما .... ما الدنيا؟ تعددت التساؤلات ، وغابت الإجابات ...
ما الدنيا  ؟؟؟... 
ما الدنيا إلا دار فناء ليس لها ثبات فهي كالبحر بها السمك الصغير والحوت الكبير والكل يصارع من أجل البقاء ولكن  إذا حضرت الساعة فلا مفر منها ... 
كل ما في الأمر ، هو حرقة الوداع ، فالوداع نار تشتعل ، ألسنتها تطال الكبير والصغير ، لا يشعر بتلك الحرقة ، إلا من اكتوى بناره ، الوداع دموع تتساقط كحبات المطر على 
شمعة انطفئت وعمر اختفى وقلب توقف عن البذل والعطاء ، قلب رحيم بكل من حوله ، رحل ودون رجعة .. .. 
ما أصعب الفراق ، فراق لا رجوع بعده ، أشعر بفراغ كبير ، في قلبي مكان سيهجر لأيام وسنوات ، بل إلى يوم القيامة ، مكان لن يستطيع أي كان احتلاله من بعدك ؛ إحساس الفقد  تسرب إلى أعماق قلبي العليل وتمكن منه ، الحزن خيم من حولي وغطى كل أركان البيت والنهج والبلدة قاطبة ، بالدموع والدعاء ، الكل يودعك ، أزهارك كما الأيام تذوي يوما بعد يوم والعمر كذلك ، هو مجرد سويعات أعددها بل قل لحظات ؛ من أصعب اللحظات التي أعيشها هذه الأيام ، لحظات خروج جثمانك وحملي لتابوتك ، أنا التي حسبت أنك ستحمل نعشي يا أخي وتقف على قبري ، بضع خطوات وانهارت قواي كانهيار مبَانٍ شاهقة بزلزال مريع ، ما عدت أستطيع الحراك ولا سبيل لي لأنأى عن موكب توديعك ، كانت لحظات جد جد صعبة ، تلك اللحظات التي أفارق فيها أعز الناس وأقربهم إلى نفسي ، نعم فهو فراق وداع أبدي وليس لأيّام معدودة ...
صدقا كنت أترقب موتك وكنت أدعو الرحمن أن يخفف أوجاعك لكنني ما تخيلت أبدا وجع فراقك 
أخي ، ما أصعب أن تبكي بلا دموع ، وما أصعب أن تشعر بالضيق وكأنّ المكان من حولك يضيق ، لكن أن تذهب بلا رجوع هو الأصعب والأشد وجع يا أخي 
يا ليت الزّمان يعود ، ويا ليتنا نبقى للأبد كما كنا ، نمرح معا ونلهو معا ،نحزن معا ونفرح معا ، أشكوك أوجاعي وتسمع ما يؤلمني وتواسيني ، وأنصت إليك وآخذ بنصحك ، ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الموت هو الموت ولا هروب منه ، هو الأنين والآهات والوجع ، وستبقى الذّكريات مجلدا يحمل   لحظات الوداع والفراق الأبدي ...
رحلت يا أخي ، لكن روحك باقية هنا قربي ، ترفرف من حولي كفراشة من نور ، تظللني وتهديني السبيل  كمنارة  .... ما أحر دموع الفراق ، وما أصعبها ، نم يا أخي وارتاح وإلى لقاء قريب ... رحمك الله  !

رفيعة الخزناجي تونس 
#وجع #الوداع

#هلوساتي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق