الأحد، 9 يونيو 2024

قصة قصيرة تحت عنوان{{المرحول}} بقلم الكاتب القاصّ التونسي القدير الأستاذ{{صلاح لافي}}


المرحول.بقلمي ؛  صلاح لافي l  تونس.
منذ الفجر؛ تفقد الشيخ نوح أهل الدوار.
راح يستحث الهمم للانطلاق غربا.موسم الحصاد قد اقترب. مسير القافلة سيتطلب أسابيعا ومعاناة. .وتبقى الأحوال الجوية هي المحددة.طيلة الليل ؛ لم ينم جل القاصدين الحقول البعيدة.
مع صياح الديكة مؤذنة بالفجر ؛القافلة تغادر على مهل المكان؛أسفل الجبل الشاهق.ابل فوقها خياما وأواني الطهي  وغرائر الحبوب فارغة ؛خيل وكلاب ؛نسوة ورجال وأطفال ورضع.قطعان الغنم والماعز تتبع الفارس الذي يستكشف المكان.
خلف الجميع ؛أكداس رماد ؛ مخلفات حيوانات؛واثار أعمدة الخيام وزرائب قدت من السدر.
يوم ربيعي ؛الرعاة يراقبون عن كثب الماعز والأغنام وهم على ظهور الأحمرة. الماشية تأتي على ما في المسالك من عشب ؛
 الأحمرة يتعالى نهيقها من حين لاخر وكأنها تحتج على ركابها  لمنعها من نصيبها من الراحة ولحرمانها من الشعير.الخيول أخذت نصيبها قبيل المغادرة.والفرسان احتطاوا للأمر ؛لكل جواد مخلاة.كيس الشعير وضع بعناية على ظهر جمل يقود القافلة؛يركبه نوح وهو يتحسس طريق القافلة.بخبرته لسنوات ؛ يعرف الشيخ المسالك والأودية والجبال والعيون.يحسن السير ليلا وهو يتبع النجوم وقصص وحكايات وغرائب حدثت له في رحلاته الصيفية.
صادف مرة ؛ وهو حديث العهد بمرافقة المرحول ؛أن تاه مع مرافقيه .
فوجد نفسه والقافلة يعودون أدراجهم...نبهته الكلاب؛ التي تسارعت لمكان ”الدوار “ منتصف الليل.ضحك في قرارة نفسه؛ ولكنه استاء من تعليقات منافسه عبد الجواد  الساخرة. 
نوح استفاد من تعدد رحلاته ؛فلا تفوته شاردة أو واردة.
قد يتعمد أحد الفتية الاستظهار بالاعياء وعدم القدرة على مواصلة الرحلة.طمعا في ركوب جواد بجانب أحد الفرسان أو الابل .قسوة الشيخ ؛ معروفة لدى الجميع .وأوامره تطبق بالكامل.ولا مجال لأن يتذاكى أحدهم فالحيل لا تنطلي على نوح الخبير بكل شيئ. في منتصف الطريق ؛ لمح الشيخ شابا غير بعيد عن راحلته؛ يحادث فتاة ابنة أحد الرعاة.نوح سبق وأن نبه على المعني بالاستقامة؛ بلقاسم الشاب المتمرد ؛ عوقب حينها بالاعتناء بالابل لحوالي نصف سنة بالصحراء لوحده.الفتاة مخطوبة لابن عمها بحضور الشيخ.
الزواج حدد لما بعد الرحلة الحالية...
طلق ناري في الهواء..من بندقية نوح .الجميع يتوقف..
قافلة جند المستعمر تبدو غير بعيدة عن المكان.
أضواء الرتل تقترب .الأسلحة والذخيرة تخرج من أماكنها.
خمسة شبان متمرسين يتزعمهم بلقاسم 
 يتقدمون القافلة.أنيخت الابل خلف أشجار الصنوبر الكثيفة.الكلاب صمتت باشارة من الرعاة.
كمين محكم نظمه بلقاسم على عجل مع رفاقه.تطويق بالكامل للرتل. الجنود ينزلون وغير بعيد ؛ تنصب موائد ؛ موسيقى صاخبة تصدر من الاليات...فتيات تم افتكاكهن غصبا من أسرهن وجنود ومشروبات.
الدوريات معروفة ببطشها وقتلها لمن يعترضها. القافلة فقدت ذات رحلة ؛ خمسة شبان في ليلة واحدة.من بينهم الأخ الأكبر لبلقاسم حين العودة...وتم افتكاك كل أكياس الحبوب من قمح وشعير وقطيع الابل والأغنام والماعز..ويتذكر الجماعة حجم فاجعة فقد الشهداء  والخصاصة التي حلت بالدوار .
فجأة تسمع الطلقات مسترسلة ..ومباغتة للجنود الخمسة..تبادل لاطلاق النار..الشبان أبلوا بلاء حسنا ثأرا لأبناء العمومة والأشقاء..بدون خسائر من طرفهم..
وبقيت الاليات على قارعة الطريق..بعد أن أشعلت فيها النيران.وكم كانت فرحة الشابات اللاتي ستعدن سالمات لأهاليهن .هن يقطن غير بعيد عن وجهة ”المرحول “. 
القافلة تسير على مهل نحو حقول كبير المعمرين...الشيخ يفكر بحكمته المعهودته ويعد سيناريوهات استعدادا للاجابة عن  أسئلة الدوريات التي قد تعترضه .فيما بلقاسم يستعد لأي طارئ محتمل .
نوح لن يعاقب الشاب..سيزوجه من الفتاة التي أجبرت على الموافقة على ابن عمها  حال عودة الجميع سالمين غانمين.

صلاح لافي  l  تونس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق