الأربعاء، 3 يوليو 2024

نص نثري تحت عنوان{{الغائب}} بقلم الكاتبة التونسية القديرة الأستاذة{{رفيعة الخزناجي}}


الغائب 

من يترك بصمة على جدارك ، من يترك فنجان قهوته بجوارك ، من يترك أغنيته المفضلة تتردد على مسامعك ، من يترك كلماته وأنفاسه ، صوره  ومنشوراته ، من يترك نكته وضحكاته ، من كان لا زمن محدد لتواجده معك ولسهراته ، من كان بديعة محادثاته ، من خير الرحيل لأنه لا يؤمن بالأبدية ربما ، ويظن أنه لن يترك أثره هناك حيث كان ، في تلك الطرقات والأماكن التي عبرناها سوية في خيالنا وأحلامنا ، يهرب و يرحل ، مخترعا سببا تافها ليرحل ، لا يترك خبرا ولا تفسيرا مقنعا ، يتكتم على كل شيء ويرحل ، أقول له :
"أيها الغائب ، يا من طال غيابك ، يا من رحلت بصمت وحافظت على صمتك ، يا من تحبذ عدم الإقتراب  الكثير ، يا من تريد أن تبقى ظاهرة فريدة من نوعها ، أخبرك انك  أنت الأجمل وأنك قد  تركت هنا عندنا ضجة السماء ، وأننا
نشتاق أليك بصمت ، فهل يصلك شوقنا ؟ "
كانت تلك آخر كلمات دونتها ، ثم طوت دفتر مذكراتها ، قبلته  بقوة ووضعته بدرج مكتبها وكما عادتها أغلقته بالمفتاح الذي وضعته بكل عناية في نفس المكان الذي يعرفه ذلك الراحل ؛ 
أطفأت ضوء الغرفة وأغلقت الباب واتجهت نحو الشرفة ، نظرت للسماء وبقيت ترقب شيئا معينا بل نجما معينا وكأنها تناجيه أو توصيه به خيرا أو ربما تحمله رسالة ، أطالت النظر والوقوف هناك بالشرفة لساعة متأخرة وجدا ، ومع بدأ بزوغ أولى خيوط الضوء ومع سماع آذان الفجر دخلت ، توضأت وصلت ورددت بعض الكلمات بعد الدعاء وانهمر الدمع من عينيها ثم سجدت ....
جلس الغائب يقرأ كلماتها والدمع يتساقط على قبرها  !!!

رفيعة الخزناجي /تونس
#هلوساتي

*اللوحة للفنان السوري  يعقوب اسحاق 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق