همس وهوس
أيُّ صمتٍ هذا؟
ذاك الذي تملَّك الروحَ،
واستوطن القلبَ،
ونبش الجراحَ حتى عمقِ الوجعِ المميت.
أيُّ نداءٍ خفيٍّ
يحمل في طيَّاته الألمَ والاشتياق؟
فالذكرياتُ ضجيجٌ لا يهدأ،
أصواتُها تصرخُ في أعماقِنا،
تُعيدُنا رغماً عنّا
إلى مشاهدَ عشناها،
إلى لحظاتٍ نسجتْ تفاصيلَنا.
والأماكنُ...
آهاتُها المخبَّأة
تنبعثُ كأنينِ عاشقٍ،
تناديك من حيثُ كنتَ
تبحثُ عنك بين الطيفِ والظلِّ.
والزمانُ...
يدقُّ ببطءٍ كئيبٍ،
كأنَّ ثوانيه تحملُ رسائلَ الرحيلِ،
وتكتبُ فوق صفحاتِ الانتظارِ:
"أين أنت؟"
أما الحنينُ...
فهو نيرانٌ صامتة،
تأكلُ أرواحَنا وتُحييها،
وتُرسلنا عبر موجاتِ الألمِ
نحو مرافئِ الغائبين.
والأشخاصُ...
ليسوا سوى أطيافٍ
بين الهمسِ والهوسِ،
يقتربونَ كحلمٍ مؤجلٍ،
يزرعون فينا سؤالاً مبهمًا:
هل عادوا ليحيوا ما مات؟
أم ليقتلوا ما بقي حيًّا؟
وفي الرحيلِ...
تترنَّح الخطواتُ بين الرجاءِ واليأسِ،
وفي الشوقِ...
يتجلَّى العمرُ كرحلةٍ
تبحثُ عن وجهٍ واحدٍ
ضائعٍ بين الزمانِ والمكانِ.
يا لصمتِ الراحلين...
كيف يتركُ فينا هذا الجنونَ،
وهذا العجزَ عن البوحِ،
وكيف يحوِّلنا إلى أسرى
لهمسٍ وهوسٍ
لا ينتهي!
عائشة ساكري - تونس_16_12_2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق