رسائل في مهب الرياح
عاشت فاطمة في أحضان أسرتها الصغيرة ،تغمرها السعادة والهناء، تقضي وقتها بين العمل والمنزل ،رزقها الله زوجا طيبا يعتني بها ويكرمها ،فكانت له خير النساء . ذات صباح وصلتها رسالة هاتفية عبر تطبيق الواتساب : "لقد عدتُ من بلاد الغربة وأريد رؤيتك في المكان نفسه ." تجمد الدم في عروقها ،تسمرت في مكانها :أيعقل أن يعود بعد كل هذه السنوات؟
أيعود بعد أن تخلى عني وفسخ خطوبتنا ؟
حارت ولم تعرف ما ستفعله ، هل تخبر زوجها أم تكتم سرها .
سارعت أناملها بإرسال رسالة للرقم :
سلام أنا لا أعرفك ؟ ابتعد عني وإلا سمعت مني ما لن يعجبك .
رمت بالهاتف وحاولت الهروب من ذكريات الماضي ،عندما كانا معا وكانت وعوده ، أنه لن يتخلى عنها وقسمه أمام عائلتها يوم الخطوبة أنه سيحافظ عليها ...
قطع حبل تفكيرها رسالة أخرى : هههههه أنا خالد ستحضرين وإلا أرسلت كل رسائلنا الماضية لزوجك الجميل ! فمازلتُ أحتفظ بكل الصور ، وكل الرسائل ، و الهدايا و حتى مقاطعك الصوتية هههههه...
أنتظرك غدا بعد صلاة العصر. انهمرت دموع ساخنة من عينيها ، وتساءلت : هل أستسلم لهذا الوغد ؟.. هل أقابله وأخون ثقة زوجي ؟.. اِنتفضت .. طبعا لا ، لن أفعل ، سأخبر زوجي بكل شيء ،اتصلت بزوجها وطلبت منه أن يحضر مبكرا ، فهناك أمر جلل تود اخباره به .
وجدها تنتظره بوجه شاحب وعينين حمراوين .
ـ ما بك حبيبتي؟ هل الأطفال بخير ؟
ــ نعم الحمد لله بخير، اِجلس من فضلك.
حكت له كل شيء وهي تتأمل ملامحه وتنتظر ردة فعله .. طأطأ رأسه وهو يردد لا حول ولا قوة إلا بالله ، ما عاد في الناس نخوة ولا عزة نفس ؟
ــ اِسمعي يا فاطمة ، الأمر لا يستحق كل هذا الحزن البادي على محياك ..هو أمر من الماضي ،وأنا لن أحاسبك عليه .
أمسك هاتفها وركب الرقم:
ــ وأخيرا اتصلتِ .. كنت أعرف أنك ستتصلين.. وكم انتظرتُ هذا الاتصال.
ــ أنا زوجها يا خالد ، من فضلك ، أُتركْ زوجتي وشأنها، تلك الرسائل و الصور التي تحتفظ بها ، لا قيمة لها ..هي من الماضي، ثم إنها كانت خطيبتك ، ومن المروءة أن تسترها ؟
حاول مقاطعته لكن لم يمنحه فرصة .
-انتبه يا خالد !، إن عاودت الاتصال ستجد نفسك في مخفر الشرطة ، ولن تنفعك رسائلك ولا صورك ، بل ستكون تلك الأشياء شاهدة عليك وليس لصالحك ؟اِمسح رقم زوجتي وإياك ثم إياك أن تفكر في الاقتراب منها ... انتهى الكلام .
توقف الكلمات في حلقه بعد كلام زوجها ، وتمتم بكلمات : مفهموم ..مفهموم ثم قطع الاتصال.
اِرتمت فاطمة في حضن زوجها.. بكت فرحا بموقفه النبيل ،قبلت رأسه احتراما .هدَّأ من روعها وقال :
ــ أنا راضٍ عنك زوجتي الجميلة ، فما رأيت منك إلا الخير ، عاد الهدوء للبيت وواصلت فاطمة حياتها بين أحضان أسرتها .
بقلمي فوزية الخطاب 22.12.2024
البلد : المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق