الثلاثاء، 10 يونيو 2025

نص نثري تحت عنوان{{خمس مقامات في الشوق}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


محمد الحسيني/ لبنان 

خمس مقامات في الشوق 
1 – مقامُ النفي الحارق

"الرّقَمُ خارجُ الخدمة"

كَأنَّ الرِّيحَ وَشْوَشَتْ سِرًّا،

ولم نكنْ مُستعدّين.

سقَطَ الصباحُ كغُصنٍ مكسور،

وتدلّى من عُنقِ الضوْءِ خبرٌ لا يُقال:

"استُشهِد..."

"لا... هذا خطأ"

يسقطُ الخبرُ كالنجمِ المُحترق،

يخترقُ سماءَ الرّوحِ،

فيتركها ظلامًا دامسًا،

وإحساسًا بزمنٍ ينهارُ هكذا... دفعةً واحدة.

"استُشهِد..."

كلمةٌ تكفي لتستحيلَ المعاني إلى رماد،

لتجعلَ الشمسَ تُشرِقُ سوداء،

والقمرَ يذوبُ في دُموعِ اللّيل...

لا...

لا... لا...

تتردّدُ كصدىً في كهفِ قلبٍ أجوف،

كنبضاتٍ ترفضُ أن تتوقّفَ عن الحُلُم.

"هذا خطأ في الاسم...

في سجلاتِ الملائكة،

خطأ في دفاترِ قَدَرِ من كان يُعدني بالغد...

كيف يكونُ شهيدًا؟!"

أمس...

أمس كان صوتُه يملأ البيتَ كالعطر،

كانت ضحكتُه تقطفُ الورودَ من هواءِ الصباح،

كانت يداهُ تحضنانِ الدُّنيا... في حضني.

الأمس لا يمكنُ أن يكونَ أمسه،

أمسي الأخير،

لا يمكن أن تكونَ كلمتُه الأخيرة وصيّة...

أرقامُ الهاتفِ أمامَ عيني شموعٌ في مهبِّ الريح،

أطلُبُ الرقمَ مرّةً تِلوَ أُخرى،

كمن يُكلّمُ الله...

أو ينتظرُ معجزة.

الرّقمُ خارجُ الخدمة،

لكنّه دواخلُ قلبي...

بالصوتِ والصورة.

✍🏼 محمد الحسيني

من مقام النفي الحارق، تبدأ رحلة الشوق… والبقية في الطريق. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق