الأحد، 13 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{ســاعةُ الانتفــاضة}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


عندما يثور الصمت ــ 3
"ســاعةُ الانتفــاضة"

جاءتِ اللَّحظةُ التي يَصطدمُ فيها الهدوءُ بالعاصفة،
الهمسُ بالصُّراخ...
كأنَّ الكونَ كُلَّهُ يَحبسُ أنفاسَه،
مُنتظرًا نتيجةَ معركةٍ لم تَشهدْها الأرضُ من قبل.

ساعةُ الذروةِ الكُبرى
حين كانت الضوضاءُ في أقوى جَبروتها،
كانتِ المدنُ تَصرخ،
والآلاتُ تَزأر،
والناسُ يَصيحون،
بسببٍ أو من دون سبب...
بدأتِ المعركةُ الحاسمة.

اندفعَ الصَّمتُ بجنودِه كموجةٍ هادئةٍ تجتاحُ الشاطئ،
كَنَسيمٍ عليلٍ يَخترقُ العاصفة،
كَنُورٍ خفيفٍ يتسلَّلُ الظلام.

صوتُ الأفكار يقودُ الهجومَ الأوَّل،
يَدخُلُ العقولَ المشغولة،
يُوقِظُ الأسئلةَ النائمة،
يَهمسُ:
"الآن، كلُّ الأصواتِ التي لا تُسمَع،
الآن، صوتُ الحقيقةِ التي لا تُقال."

هذا صوتُ الظلال يَرقصُ حولَ الضوضاءِ،
يَلفُّها بخيوطِ الهدوء،
ويُحاصرُها بشِباكِ الصَّمت،
ويَسحبُها إلى عوالِمِه...

في لحظةِ الانتصارِ العظيمة،
حين كانتِ الضوضاءُ تتراجعُ مهزومة،
سَمِعَ البشرُ للمرَّةِ الأولى... صوتَ الصَّمتِ يتكلَّم.
صوتًا عجيبًا وجميلًا،
أغنيةَ كَونٍ أزلية...

فهمَ الجميعُ دُفعةً واحدة:
أنَّ الصَّمتَ ليسَ فَراغًا، بل امتلاء،
ليس غيابًا، بل كلُّ الحضور،
ليس عَدَمًا، بل وجودٌ خالص.

كقلعةِ رملٍ أمامَ موجٍ عارم،
انهارتْ إمبراطوريَّةُ الضوضاءِ،
كوَهمٍ أمامَ الحقيقة،
كظلامٍ أمامَ النُّور.

✍️محمد الحسيني ــ لبنان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق