الاثنين، 14 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{لكلٍّ منّا حكاية}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


لكلٍّ منّا حكاية
د. كرم الدين يحيى إرشيدات 

حبيبتي،
في ظلّ اشتياقي إليكِ
يخيّم سكونٌ غريب، مخيف،
كأنّه السكون الذي يسبق العاصفة.

في قلبي حديثٌ
أخرسته ثلاث ليالٍ من الوحدة،
حديثٌ صامت
أسكت معه كلَّ شيء…
إلا ضوضاء نفسي،
وكأنّ جبالًا تتململ بعد سباتها الطويل.
حديثٌ لا تصفه الحروف ولا الكلمات،
إلا وجع نفسٍ مشبعةٍ بوجع الأشواق.

حبيبتي،
شردت بذهني،
وجئتكِ أسأل عنكِ وعن أحوالك،
وسافرت نظراتي
تبحث عن "يحيى"
الذي تاه في زحمة السؤال عنك.
سمعتُ ألف حكاية وحكاية عني وعنك،
عن قصص الوفاء التي ارتبطت باسمَينا وقلبَينا.
كنا أسماءً متداولة،
وكنىً جديدة سُمّيت بنا.
أتدرين، حبيبتي؟
الكلّ ينتظر منّا الجديد،
طلاب عشقٍ جاءوا ليتعلموا بمدرستنا،
ومنهم من غنّى كلماتنا،
وجعل من مواويل نجوانا ألحانَ سعادةٍ.
قلوبُ العاشقين وجدت فينا إلهامًا،
وحلمها أن تحيا مثلنا.

حبيبتي،
لكلٍّ منّا حكاية
يسردها بطريقته،
وخلف كل شهقة روحٍ…
قصةٌ جميلة تعكس جمالها.

وستبقى ذكرياتنا حيّة
ما دامت الأرض تدور،
وهناك ليل ونهار.
حتى لو بقينا وحدنا،
لن تمحو ذاكرةُ الأيام لقاءاتنا،
ولا ضحكات قلوبنا،
وإن لم نُفصح عنها…
فستفضحها حكاية العشق الأبدي
التي عشنا تفاصيلها.

حبيبتي،
كل شيء يتحدث:
المسافات التي قرّبتنا،
ضحكتكِ التي عطّرت الكون،
دموع الاشتياق،
وتشابك أيدينا…
كلّها تتحدث.

انظري حولكِ،
واسمعي الحكايات التي لم تُروَ عني وعنكِ…

---

حبيبي،
دع عنك صمتي،
فنبضي في هواك يُجاهر،
وفي مقلتيّ نارُ شوقٍ
لا تُقاوم ولا تُسافر.

أُحدّث الليل عنك،
وتُصغي النجوم وتسامر،
أهيم بصورتك في خيالي،
كلما طال المسافر.

فعد، فإني على العهد باقية،
والعمر ناثر...

---

حبيبي،
سافرتْ عيوني في ملامح طيفك الساكن،
تفتش عنك بين الحكايا وحنينٍ لا يُمكن.
سألني الناس عنّا…
فابتسم قلبي الواثق،
كأنّ الوفاء بيننا عهد،
وفي نبضي مسجّلٌ ومؤمّن.

نحن حكاية عشقٍ خُلّدت،
لا تنتهي، ولا تُدفن.

---

حبيبتي،
إنه الحنين، يا قرة العين،
الذي خلف وراءه كلّ عبارات الأشواق.
الحنين الذي أسر قلبي
ووضعه بين يديك.

حبيبي،
وأنا أسرني هواك بلا رحيل ولا فرار،
سكن الحنين عيوني،
وانطوى فيه النهار.
كلّ الحروف تنادي باسمك
ليلًا ونهارًا.

كانت هناك قطرة حب،
أحيت كيانًا متعطشًا للحياة،
لحظةٌ أصبحت خلودًا أبديًا.

---

حبيبي، وكلُّ عالمي،
يا مالكَ الروحِ والنبضِ الساكن في الوريد،
لو لم تكن قدري،
لضلَّ الدربُ بي والوعيد.

أأنتَ مَن سكبتَ ضياء عمري في المدى؟
أم أنّني وهجٌ بنارك أستزيد؟

من دون عينيك، الحياةُ غشاوة،
لا طيف فيها، لا جمال، لا نشيد.
كأنني منك ابتدأت قصيدتي،
وكأن حبّك في دمي لحنٌ فريد.

يا سيدي، في حضرتك تتلاشى
كل المعاني،
وينحني قلمي العنيد.

فابقَ كما أنت…
اشتياقي، سكني،
واكتب بنبضي ما تشاء،
فأنت عندي عيد.

---

حبيبتي،
ليس كلّ ما في القلب قابلًا للبوح.
أخاف أن يفضحني قلبي،
إن لم تنبض فيه نبضتك.
وتفتنني المحابر،
إن لم يكن لي ما أذكرك به.
أخاف أن تُدير لي الدنيا ظهرها
إن لم أخبئ صورتك تحت الأجفان،
وفي حدقة العين.

حبّك…
قصة أحكيها بيني وبين نفسي،
وهمسة جنوبية
همست بها الروح إلى خافقي،
لن يطلع عليها أحد…

---

حبيبي،
يا من غرستَ بنبضي سحرَ نظراتك،
كيف أختصر عشق قلبي في عبارتك؟
إن كان صمتي عن هواك حماية،
فالعين تشدو في كل حين باعترافك.

أخفيك في حنايا الروح معبدًا،
وتصلي إليك حروفي في انكسارك.
لو باحت الدنيا بسرّي،
ما وعتهُ.

فأنا التي خبّأت قلبي في مسارك،
دعني أحبك في صمتٍ لا يراه الورق…
فالحب أصدق، حين يسكن في احتراقك.

---

ومن غيرك؟
أهيم به حبًا؟
وهل على الأرض نساءٌ غيرك؟
فخافقي لا يعرف لغة،
إلا لغة واحدة،
حروفها أربعة،
وبها أكتب دواوين أشواقي.

---

لكلّ منّا حكاية،
يحكيها بطريقته،
كلمةً كلمة، أو حرفًا بحرف،
كما تحاكي الريشة الوتر،
ويعانق الناي أصابع عازفة.

هي معزوفة حبٍّ،
تخصّنا معانيها،
وموسيقاها…
تركتْ أثرًا طيّبًا،
يذكُرنا به من أحبَّ بعدنا.

د.كرم الدين يحيى إرشيدات 

الاردن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق