السبت، 19 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{ذكرياتِ السنينِ}} بقلم الكاتب العراقي القدير الأستاذ{{أحمد الموسوي}}


"ذكرياتِ السنينِ"

في الكوتِ،
حين انتفضَ الدخانُ
وتسللتْ أجفانُ المدينةِ
تحت وشاحِ النارِ،
تماهتْ يدانِ، وأمٌّ، وأبٌ، وطفلٌ
على العتباتِ الأخيرةِ
في زحامِ اللهيبِ المسكونِ بالجنونِ.
كان للضوءِ نافذةٌ
تتشبثُ في خاصرةِ الليلِ
لكن النارَ
كانتْ تُحاصرُ أسرارَهُ
وتنثرُ رمادَ اليقينِ على الطرقاتِ،
بكى العشبُ النديُّ
حتى سالَ على خدِّ الرمادِ
وأُطفئت أنجمُ الليلِ
بين أضلاعِ الريحِ
وانحنت جدرانُ البيوتِ القديمةِ
تحملُ على أكتافِها
ذكرياتِ السنينِ المعقودةِ بالنسيانِ

أمٌّ
تضمُّ صغيرَ الضياءِ إلى صدرِها،
تنسجُ الصمتَ بالدمعِ
وترعى نبضَ الحياةِ الهشَّ
بين الرمادِ وظلالِ السكونِ،
تلمُّ شتاتَ الحنينِ
وتزرعُهُ في ترابِ اللحظةِ الأخيرةِ

وأبٌ
يقاومُ موتَ التفاصيلِ
في صمتهِ،
ويقول لنفسه:
سيمرُّ الحريقُ
لكن قلبي
سيظلُّ يقرأُ في كفِّ الدخانِ
اسم هذا الحُضنِ المبتلِّ بالياسمينِ

وجسدٌ صغيرٌ
يمدُّ يديه إلى دفءِ أمّهِ
فيختلط الدمعُ باللهبِ
ويمتدُّ ظلُّ الحنانِ
رمادًا ثقيلًا
على جمرِ أيامٍ لم تولدْ بعدُ،
وتنبضُ في صدرِ الغيابِ
بذرةُ ضوءٍ
لا يدركُها الفناءُ

في الكوتِ
حيث التهمَ الحريقُ الضياءَ
وغاب الصغارُ
وما زال في المآقي
سؤالٌ
يرنُّ في صمتِ الرمادِ:
هل يبزغُ فجرٌ
إذا ما احتضنَ الظلُّ
بذرةَ النورِ من رحمِ النارِ

✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي/العراق 
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق