"تَلَاوَتْ"
سَأَلْتُ نَسِيمَ الصُّبْحِ عَنْ سِرِّ نَبْضِنَا،
فَهَزَّ الغُصُونَ، ثُمَّ طَيَّبَ لِي جَوًّا صَفَا.
وَقُلْتُ لِضَوْءِ الفَجْرِ: هَلْ مِنْ بَشَائِرٍ،
فَأَوْمَأَ: سُبْحَانَ رَبِّ الحُسْنِ قَدْ سَنَا.
نَاجَيْتُ وَادِيَ الخُضْرِ: كَيْفَ احْتَضَنْتَنِي،
فَهَمْسٌ يُجِيبُنِي: أَقِمْ قَلْبَكَ هُنَا.
وَيَا نَخْلَ بَادِيَتِي، أَتَتْكَ جِرَاحُنَا،
فَهَلْ تُسْقِطِ الظِّلَالَ عَنْ ظَمَأٍ جَفَا.
تَلَاوَتْ طُيُورُ العُودِ لَحْنَ هُدُوءِنَا،
فَرَدَّ الصَّدَى: لَا تَخْشَ لَيْلًا، قَدْ نَجَا.
وَقُلْتُ لِقِمَّةِ جَبَلٍ: كَيْفَ نَرْتَقِي،
فَقَالَ: بِصَبْرِ القَلْبِ يَعْلُو مَنْ عَلَا.
وَنَادَيْتُ مَجْرَى المَاءِ: هَبْنِي سَكِينَةً،
فَهَمْسٌ: مَنْ أَلْقَى الوِزْرَ سِرًّا قَدْ دَعَا.
وَسِرْنَا عَلَى رَمْلِ السُّرَى نَحْوَ بُعْدِنَا،
فَبَانَ مِنَ الأُفْقِ البَهَاءُ، ثُمَّ بَدَا.
وَقَالَتْ شُجُونُ العُشْبِ: لَا تُفْرِطَنْ أَسًى،
فَإِنَّ هَوَاءَ الحَقْلِ يُصْلِحُ مَا هَفَا.
وَعِنْدَ سُكُونِ المَوْجِ قُلْتُ لِسَاحِلٍ،
أَمِنْ بَعْدِ جَزْرٍ فِي القُلُوبِ رَسَا؟
وَقُلْتُ لِغَيْمٍ: كَيْفَ يَرْوِي ظَمَأَنَا،
فَأَثْمَرَ فِي صَحْرَائِنَا صَبْرٌ نَمَا.
وَعَاهَدْتُ رِيحًا أَنْ تُسَالِمَ نَبْضَنَا،
فَمَالَ بِنَا وُدٌّ إِلَى وَادٍ قَنَا.
وَإِنْ رَجَعَتْ أَطْيَافُ ذِكْرَى مُرَوِّعَةً،
رَأَيْنَا بِنُورِ الحُسْنِ سِرًّا قَدْ بَقَا.
وَيَا طَيْرَ بُشْرَى: قِفْ لِقَلْبِي لَحْظَةً،
وَغَنِّ لَهُ نَغْمًا عَلَى القَفَا.
وَفِي سَكَنَاتِ العَيْنِ يَهْدَأُ وَجْدُنَا،
فَنِلْنَا مِنَ الرُّبَى الحَنُونِ بَعْضَ رِضَا.
وَمَرَّتْ رِيَاحُ الغَيْمِ تَمْحُو أَثَرًا لَنَا،
فَقُلْنَا: جَمَالُ العَيْشِ يَزْدَادُ إِنْ عَفَا.
وَحِينَ تَعَالَى الذِّكْرُ فِي سَرَائِرِنَا،
تَسَامَى بِنَا رُوحٌ إِلَى نُورٍ سَمَا.
وَإِنْ هَدَأَتْ أَعْيُنُ الصِّغَارِ بِلَيْلِهَا،
حَرَسَتْهُمُ الأَحْلَامُ حَتَّى مَنْ غَفَا.
وَلِلرَّمْلِ سِرٌّ إِذْ تَهَامَسَ فِي الضِّيَا،
كَأَنَّ عُيُونَ الوَحْشِ تُومِضُ فِيهِ المُهَا.
وَخُضْنَا سَبِيلَ البِرِّ نَبْحَثُ عَنْ شِفَاءٍ،
فَمِنْ دَمْعِنَا نَبْنِي غَدًا يَحْمِلُ شَفَا.
✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي
بتأريخ 05.21.2018
Time :4:15pm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق