الأحد، 17 أغسطس 2025

نص نثري تحت عنوان{{غياب القمر}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


غياب القمر
د. كرم الدين يحيى إرشيدات

حبيبي
أين هو ذاك قمري؟
أين هو حبيبي الذي أخذ شكل القمر؟
أبحث عنه في كل انعكاس للضوء، في كل نسيم يمر،
وفي كل نجمة تلمع في السماء.

يا قمري… يا نور أيامي…
هل غاب عني أم أنا التي ابتعدت عن ظله؟
كل شيء حولي يذكرني بك…
حتى الصمت يحمل صدى اسمك،
وكل قلب ينبض يهمس: ها هو، ها هو، لا يغيب عن روحي أبدًا.

حبيبتي
يا سيدة الأقمار،
لقد سقطت مني كل الكلمات والحروف،
أنتِ لا تعرفين أن القمر تناثر هنا وهناك مثل حبات الرمل،
ولن تستطيع كل قوى الأرض لملمته.

حبيبي
أنت قمري الذي لا يغيب عني،
أنا لا أرى في السماء إلا ضياءك،
ولا أعرف للأفلاك معنى إلا حين تعانقني حروفك.
أنت حبيبي الذي جعلني أتيه بين نورك ودفئك،
فلا الشمس تغويني، ولا الأقمار تسحرني،
فأنا بين يديك أعيش اكتمالي.

حبيبتي
يا سيدة الأقمار،
ألا تعرفين أن الأقمار تغيب،
عندما تكونين أنت؟
إن كنت أنا قمراً، فماذا تكونين أنت؟

حبيبي
دع الأقمار ترحل كما تشاء،
فأنا فيك قمراً لا يأفل،
ونوراً لا ينطفئ،
وسماء لا حدود لها.
فابقَ لي، حبيبي، قنديلًا يضيء قلبي،
وبدرًا يملأ حياتي حبًا.

حبيبتي
أي قمر سيكون عندما يمتلئ الكون بنور ضياءك؟
وهل للأقمار مكان أمام جمال إطلالتك،
ونورك الذي جمل كل الأشياء بعالمي؟

يا سيدة الأقمار،
وسيدة عالمي أنا،
ما أنا إلا كوكب صغير يدور في مدارات حبك،
أستمد قوتي ونوري منك.
تركت هذا الكون برحابته، وأقماره وكواكبه ونجومه،
واخترتك أنت… اخترت قمري.

حبيبي
يا قمري الذي اختارني من بين كل الأكوان،
كيف لي ألا أذوب في حبك، وأنت من جعلني سيدة الأقمار؟
أنا نورك، وأنا سر ضيائك،
وأنت الكوكب الذي لا أبدّل مداره بمدارات الدنيا كلها.

تركت لي الليل لأكون حُلمه،
وتركت لي الكون لأكون عالمي.
فأي أنثى حظيت بما حظيت به أنا؟

ابقَ في فلكي،
ولا تفلت من مدارات عشقي،
فأنا لك القمر الأبدي،
وأنت لي النور الذي لا ينطفئ.

حبيبتي
أنا لست قمراً…
لولا وجودك ما كنت أنا.
أنتِ شمسي وقمري ودفء قلبي،
أنتِ كل الأشياء الجميلة حولي،
وسيدة سماء مفرداتي،
وأنتِ قصائدي العذرية،
وكلمات غزلي التي سأُنثرها في سمائك،
لتكون لك أجمل الحلل.
لا تسأليني عن غياب القمر…
لأنك أنت القمر.

حبيبي
حبيبي…
وكيف أبحث عن القمر خارج عينيك؟
وكيف أسأل عن النور وأنت نوري؟
أنا التي أرى نفسي في حرفك،
وأتزمل دفئك كطفلة تستكين بين يديك.

أنت لست كوكبًا ولا نجمًا،
أنت سماء كاملة أرحل فيها بلا عودة،
أنت قصائدي التي لم أكتبها بعد،
وحنيني الذي لا يهدأ.

فلا تقل لي إنني القمر…
أنا انعكاسك فقط،
أنا مرآة قلبك،
وأنت الأصل، وأنت الضوء، وأنت الحياة.

حبيبتي
قمرك ليس بعيدًا عن عينيك، بل أنتِ التي تصنعين ضوءه واكتماله.

أنتِ هنا،
في كل نبضة قلب، في كل نفس أتنفسه، في كل همسة صمت أحتضنها.
أين أنتِ؟
أنتِ معي، حتى وإن فرّ الوقت أو تبعدت المسافات،
لأن قمري أنتِ، وأنت ضوءي الذي لا يغيب.

د.كرم الدين يحيى إرشيدات 

الاردن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق