الاثنين، 8 سبتمبر 2025

نص نثري تحت عنوان{{لوعة الانتظار}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


لوعة الانتظار
د. كرم الدين يحيى إرشيدات

حبيبتي،
يقتلني الانتظار،
كلّما همست لي نفسي أنّها تشتاقك،
هدأتُ قليلًا…
ثمّ أعود كالذي ينفخ تحت الرماد،
فتشتعل روحي بالحنين من جديد.

حبيبي…
وكيف لي أن أتصوّر الكون دونك؟
أأصحو بلا صوتك؟ أأحيا بلا دفئك؟
أنت لستَ جزءًا من حياتي… بل حياتي كلّها.

غيابك موتٌ مؤقّت، وحضورك بعثٌ دائم،
كلّ الطرق تقود إليك،
وكلّ المعاني تعيدني إلى قلبك،
كأنّك بداية الأشياء ونهايتها.

حبيبتي 
دعيني أعترف…
أنا لا أملك نفسي حين أشتاقك،
ولا أجد سلامي إلا بك.
أما تعلمين أنّني أزداد اشتعالًا بك؟
أنتِ لستِ خيارًا… بل الحياة ذاتها،
ولا معنى لنبضي إن لم يتهجّاكِ.

حبيبي
وكيف أصدّق أنّني بعيدة عنك،
وأنا أراك في كلّ نبضةٍ من دمي؟
أشعر بك في كلّ شهقةٍ من هوائي،
حتى بتُّ لا أفرّق بيني وبينك.

حبيبتي…
كلّما حاولتُ إقناع قلبي بغيابك،
يُكذّبني بدمعةٍ تنزلق خلسةً،
ويفضحني بشهيقٍ من اسمك.

حبيبي 
وأنا، كلّما حاولتُ أن أخفي لهفتي،
يصرخ صوتك في داخلي،
فتذوب المسافات،
ويغدو الغيابُ وهمًا عابرًا.

حبيبتي 
أقسم لكِ…
لا أرضٌ تسعني دونك،
ولا سماء تحتمل غربتي عنك.
أنتِ الوطن الذي إن فقدتُه تهتُ،
والنبع الذي إذا عدتُ إليه امتلأتُ حياةً.

حبيبي
وأنا أقسم…
أنك حضني الوحيد إذا ارتجفت،
ومأمني الأوحد حين أخاف،
أنتَ الحياة التي لا أعيش سواها.

حبيبتي 
يا ساكنًا قلبي فما لي قرارُ
أذوبُ شوقًا فيك مثل النهارِ

إذا همستْ روحي تناديكَ وجدي
أضاءَ حبّك لي دروبَ المسارِ

فكيف أصبرُ والفؤاد معلّقٌ
بك الوصالُ حياةُ روحي ودارِ

أنا لستُ أملك من هواك سوى دمي
يجري إليكَ ويملأ الأنهارِ

حبيبي
حبيبي… وهل لي قرارٌ أمام عواصف الشوق؟
إن كان الاشتياق عصيانًا… فهو عصيانٌ طاهر،
يسجد لسلطان حبّك.
روحي حين تهتف باسمك،
تغدو مطيعةً لما يأمره قلبك.

إن كان عشقك عصيانًا فأنا راضية،
فحبك عندي قدرٌ،
صوتك نغمٌ يملك الفؤاد،
وعيناك ضياءٌ يسقي روحي حتى الممات.

حبيبتي،
أنتِ لستِ مجرّد امرأة…
أنتِ الحلم الذي احتضن روحي،
والعالم الآخر الذي جاء ليسكنني،
وينثر بذور الفرح في أيامي.

حبيبي
وأنت حبيبي،
لستَ رجلاً فحسب…
أنتَ العمرُ الذي انتظرته،
والأمان الذي احتميتُ به،
الجنون الجميل الذي يجعلني أزهر كلّ يوم.

أتيتَ كالنور من عمق الغيم،
تكتبني من جديد،
فأنسى معك وجعي،
وأزهو بفرحٍ لم أعرفه من قبل.

حبيبتي 
انتظرتكِ سنواتٍ طوال،
أردّد تراتيل الروح رجاءا بقدومك،
أكتبك قبل أن ألقاك،
وأضيء قناديل أشواقي لأحادثك،
كأنّ ساعات الانتظار كانت ألف عام،
ومخطوطات قلبي مكدّسة بآلاف الأبيات،
كلّها تتحدّث عنك…
وعن لوعة الانتظار.

د.كرم الدين يحيى إرشيدات 

الاردن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق