لا تنكسر حجراً
حطمْ جِدارَ اليأسِ دماراً و انتصبها
اهجرْ ثُباتَ الذلِ الأولُ الأولِ
ودعْ كلَ الخسَاراتِ برسْبِها عدماً
انفض غبارَ السنينِ بحالِ الأحولِ
رتبْ فوقِ السماءِ بكلِ عرشٍ
مقامٌ يعلو عرشِ كلِ ناقمٍ كلَ أبطلِ
اصعد على ظهر الناجياتِ حجراً
عاند شرورَ الزمانِ بالفجرِ المُقبِلِ
و أسرج خَيِلكَ بالأرضِ في سفرٍ
صهيلٍ لاثرثرةُ جاهلٍ بالنوكِ الأجهلِ
و إني أراكَ راحلٌ بالصحراءِ غازياً
خرجتْ من وقعِ ذلٍ لمحنكَ المكفلِ
فإبحث عن أيامِكَ بالرحيلِ فرحاً
فتلقى بتلكَ الديارِ راحةٌ في الأزلِ
عانق بسمائكَ غيماً و اسكن قِمماً
كن شجاعاً بحروبكَ كفارسٍ أفحلِ
سابق الريح بثوبِ المدى و اقطعها
انثر من الحكايا وهماً بأسركَ الأنكلِ
فلا راحٌ يُدنِيكَ إن غَلبكَ الحزنُ
و لا الليلُ يمضي بِبكائكَ الأطولِ
خذ كلَ حصتكَ من صدورِ المنايا
لملمْ نجوماً بفضاءٍ و شع لها بالدَللِ
عشْ كريماً و إن خاصَمكَ الأيامُ
فعيشُ الكريمِ راحٌ بالروحِ مُهلهلِ
و سرْ على الجماجمِ قُدماً بخطاكَ
و لا تسألْ عن الحرامِ بالزمنِ الأرزلِ
أشهر بسيوفِكَ بوجهِ الأعداءِ غضباً
سقمٌ أسقي من ساقكَ بمرُ الحنظلِ
و أنزل على الدروبِ بثقلِ الدروبِ
سبيلاً فإنتصر بشُعلةِ يومِكَ المُحفَل
قفْ كالجبالِ شامخاً أمام الرياحِ
و إهدمْ حدودَ الهزيمةِ بأمْسِكَ الأرحَلِ
فجرْ بحفاةِ الثرى حينما تقسُ
و أنكث بظلالٍ تشرقُ بفجرها الأعْدلٌ
و إذا خنتَ ظَنكَ بالأوجعِ ماضياً
رتب لثراكَ للبعيدِ بموتكَ المُؤجلِ
كن نافعاً كن شافعاً لكلِ مسافةٍ
غبْ عن الجفاءِ كشاربٍ راضهُ النَهلِ
دعْ الآلامَ كلها خلفكَ للنسيانِ عهداً
بدل بكلِ مكانٍ دارَ يبرحُ بالعِللِ
و اكسر حواجزِ الجبنِ من دُنياكَ
حازمْ بأنسابِ الرحيلِ دربكَ الأعولِ
تباريحُ الأمسِ جنتْ بأيامنا جرحاً
و كم بقينا نجولُ بالجراحِ من الكسلِ
قوامْ صفوة الخاسرينَ حينَ تلعنها
طر فوق كلِ الأعالي نجماً بالزُحلِ
فلا تبالي بالموحساتِ و إن دارتْ
عصفاً تجولُ بدياركَ تقسُ بالأرطلِ
قد لعنتَ روحكَ وراءَ كلِ بايعٍ
و أحرقتَ ذاتكَ بالندمِ عبداً بِزولِ
فعلى ذُلِكَ أمطرتْ ألفُ لعنةٍ إنما
هي اللعناتُ تمضي بحالِنا بالكهلِ
و إن غدتْ تهدنا دفنها حينَ نجاورها
فويلنا من تلكَ الفجوعِ بالهمِ المُثقلِ
رديمةٌ فقد دارتْ بكسركَ لأعوامٍ
فويحَ الجناةِ كم ظلموا بالغدرُ الأخطلِ
فطبطبْ بكفوفِ السلامِ في عجلٍ
امضي بعيداً بدنياكَ و تحلَ بالأملِ
و إكسر جداراً من المستحلِ لترضى
ناهضْ بجسدُ العزيمةِ بوصلِ الأوْصَلِ
مالكَ تستعجلُ لبابِ الهلاكِ راكضاً
ظلامٌ و سيمضي مثلُ الأمسُ الأثقلِ
فكم من بعضنا سرقنا أوجاعُ الدهرِ
و كم من حاقدٍ داسنا بِنعلُ الأرجُلِ
حتى من الأحزانِ متنا في قدرٍ
كحالُ الذبحِ بالرديمِ للطيرُ الأجفلِ
فأعد للأيامِ روحها جهداً تشتهيها
و بدل جحيمُ منزلٍ بخيرُ المنزِلِ
مزق بكلَ أحلامِ النوى بردمكَ
و لا تشفع لصعلوكٍ بارحٍ جَندَلِ
و أسعى للقادماتِ كشمسٍ تعانقها
فعينُ الحياةِ لا تباركُ إلا للأجملِ
و إرجمْ ورائكَ بكلِ خذلٍ و انسى
من كانَ يشدكَ كشاةِ العرجِ الأسْطلِ
فتكبرْ على الجِراحاتِ و فارقها
ذكرياتٍ تبارحتْ في ركنها الأعزلِ
و عد سالماً بعدَ كلِ موتٍ لتحيا
عاشر الأصيلَ بكلِ حينٍ النقيُ الأنبلِ
حتى إذا بلغتَ ثراكَ نزعتَ رهبتها
و قل هيهاتٍ لشقاءُ الموتِ الأهْطلِ
إجرع خمر الكؤوسِ بالنسيانِ لواءً
يرفرفُ بسماءِ الراحِ بيومكَ الأذهلِ
و لا تبكي على مُفارِقٍ دارَ كافراً
دَون بالقصيدةِ نعوةُ كلِ راحلٍ أهبلِ
لابن حنيفة العفريني
الشاعر ... مصطفى محمد كبار
٣ / ٩ / ٢٠٢٥ حلب سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق