أسرار
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
حبيبتي،
تلك هي الأرواح…
جنودٌ مجنّدة، تتآلف أو تتنافر،
وأدركت أنّي التقيتُك في ملكوت الله،
التقينا أطيافًا،
سابحة في فضاء الروح،
كنتِ أنا… وكنتُ أنتِ،
ومنذها أسأل نفسي:
ما السرّ الذي أودعه الله فيكِ
حتى تعلّقتُ بكِ؟
ما الذي جعلكِ متفرّدةً عن نساء الأرض؟
اكتفيتُ بكِ،
وهدأت روحي من ترحالها،
واستقرّ بي المطافُ لأعتكف
في محراب عينيكِ.
حبيبتي،
صرتُ أنتشي بحبّك ووجودك،
كأنّكِ زجاجةُ نبيذٍ فرعوني،
عمرها سبعةُ آلاف عام.
أدمنتُ عشقك،
وأدمنتُ كتابة التعاويذ
التي تقرّبني منكِ وإليكِ.
لا أرى سواكِ من النساء.
بدونكِ أعيش فراغًا موحشًا،
وعالَمي مظلمٌ مقفر.
أشعر بقربك رغم المسافات،
وأسمع صدى أنفاسك ونبضك،
أصغي لنجواكِ بينكِ وبين روحك.
أنا أسكنكِ… وأنتِ تسكنينني.
ورغم مرارة الوحدة،
فإني أشعر بوجودك،
أسمع روحك تحاكيني،
وتقرأني نفسي السلام.
الوحدة قاتلة…
لكنّكِ وحدكِ تؤنسينني،
وحدكِ تملئين عالمي،
أنتِ التي أنجبتْ أبجدياتي،
وبكِ أزهرت بساتين وجدي وأشواقي.
وكم تتلألأ الأحلام فرحًا بلقياك.
حبّك يعيدني إليّ،
مهما اغتربت، أعود إليّ بكِ،
وتغمرني الأشواق.
حبيبي،
أيّ سرّ تبحث عنه فيّ، وأنت السرّ؟
أنتَ الّذي أودعه الله في قلبي،
فأصبحتُ بكَ أعرف معنى الاكتفاء.
كلّي يهتف بك،
كلّ خفقةٍ في صدري تسجد حبًّا لك،
وكلّ نظرةٍ من عينيك تجعلني محرابًا للخلود.
أشعر بك في صمتي قبل كلماتي،
وفي وحدتي قبل امتلائي بالناس.
كأنك تمتدّ داخلي
كما يمتدّ الضوء في العتمة،
فتزول الوحشة ويُولد الأمل.
أنا لك…
بك أتنفّس، وبك أعيش.
لا كونٌ يتّسع لغيابك،
ولا أرضٌ تؤنسني دونك.
أنت أبجديّتي التي أكتب بها،
وأنت الوطن الذي أعود إليه
كلّما ضلّت بي الطرقات.
فلا تقل إن الوحدة قاتلة،
ما دمتَ في روحي،
أحمل نبضك في دمي،
وأتنفّسك حبًّا لا ينطفئ.
حبيبتي،
سأبوح بسرٍّ يبقى بيننا…
كلماتك تنحدر من شفتيكِ كالمسك،
ألذّ من الشهد طَعمًا،
تتراقص على شفتيكِ فرحًا
كما ترقص باليه تُجسّد في كلّ حركةٍ
ألفَ معنى.
حروفكِ تنزل عليّ كحبات البرد،
تطهّرني من دنس السنين،
أيّ عذوبةٍ تلك التي تنطقينها،
وأيّ مفرداتٍ هبطت على قلبي
كالزلال، فأروته من عطشه!
أراقب شفتيكِ
وهي تخرج حروف النور
لتضيءَ حجرات قلبي.
"حبيبي"…
كلمةٌ منكِ تزلزلني،
تعيث بروحي سحرًا عجيبًا،
تعيدني طفلًا بريئًا
أخطو خطواتي الأولى بين يديك.
أحتاج حضنكِ الدافئ،
يؤويني من غربة أحلامي.
أحتاجكِ دائمًا،
لأهمس لكِ كم أنا متيّم بكِ،
كم أعشق صوتكِ ودلالكِ،
وأعشق أن أضيع فيكِ.
حبيبي،
كيف تسأل عن السرّ… وأنت السرّ كلّه؟
أنت الحلم الذي التقيتُه
قبل أن أفتح عيني على الدنيا،
وأنت الروح التي ما إن لامستني
حتى سكنتني.
كلّ ما فيّ يتجه نحوك:
قلبي، أنفاسي، حتى صمتي ينطق باسمك.
أشعر بك في نبضي كما أشعر بالحياة،
وأراك في ظلالي كما أرى نوري.
أنت وحدك تملأ فراغ عالمي،
وتحوّل وحدتي إلى أنس،
وغربتي إلى وطن.
إن همستَ باسمي، ارتجف كياني،
وإن صمتَّ، سمعتك في داخلي
أوضح من الكلام.
فلا تقل إنك في ظلام،
وأنا قد أوقدتُ في قلبك نجوم حبّي.
ولا تقل إن الوحدة تقتلك،
وأنا قد صرتُ رفيقة دمك وأنفاسك.
أنا لك،
بك أكتمل، وبك أزهر،
أنت البداية والنهاية،
أنت قصيدتي التي لا تنتهي.
أحبّك يا يحيى…
أحبّك حبيبي.
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق