الحلم الكبير
د. كرم الدين يحيى إرشيدات
حبيبتي:
الذي جمعنا كان حلمًا صغيرًا بحجم زهرة،
لكن تفسيره يحتاج إلى ألف سنةٍ من البوح،
تبدأ أولى كلماته عند أوّل حرفٍ من همسات الشوق.
كنا أنا وأنتِ
ولو عشنا ألف عام،
لقُلنا ما زلنا في أوّل الطريق،
وما زال الحلم الكبير ينتظر وصولنا.
هل تُصدّقي؟
كنتُ أتمنّى أن أبقى معكِ في حلمٍ لا يزول،
فالحلم معكِ يأخذني إلى عالمٍ آخر،
أعيش تفاصيله بنشوة عاشقٍ مُغرم،
كأنّ الزمانَ يتوقّف عند ابتسامتك،
وكأنّ الوجودَ لا يعرف غير حضورك.
حبيبي:
وأنا يا مُنى الروح،
كم تمنيّتُ أن يطول الحلم أكثر،
أن ينساب الليل من بين أناملنا ولا ينتهي،
أن أستيقظ على نبضك،
لا على صوت الفجر الذي يُعلن الفُراق.
ففي حلمك وجدتني أعيش،
وفي يقظتي أشتاق أن أنام لأراك.
حبيبتي:
إذن دعنا نقيم في الحلم،
ننسج من خيوطه عمرًا آخر،
لا يُقاس بالوقت،
بل بنبضةٍ منكِ وابتسامةٍ مني.
حبيبي:
أما زالت أمانينا معلّقةً
بورديّة الأحلام؟
أم أن الصباح سرق ألوانها
من بين أناملنا؟
حبيبتي:
معك، كلّ شيءٍ ممكن،
فنحن لا نعرف المستحيل،
في حبٍّ علّمنا كيف نحيا،
وكيف نُبعث من رماد الانتظار،
ونُزهر رغم صمت المسافات.
حبيبي:
إذن دعنا نحلم من جديد،
فالأحلام التي تُولَد من نبض العشق
تصبح حقيقةً حين تهمس بها الأرواح.
وهل نحن بغير الحلم نعيش يا حبيبتي؟
فأنا وأنتِ،
شيّدنا عالمنا برِقّة الإحساس،
وعفويّة البوح،
حيث لا قيد يمسك بالروح،
ولا خوف يُطفئ أنوار القلوب.
حبيبتي:
صدقتَ يا نَسمة الوجد،
فكلّ ما بنيناه بالحلم والصدق
صار وطنًا صغيرًا يسكن بين نبضينا،
نلوذ إليه كلّما ضاقت بنا الأرض بما رحُبت.
حبيبي:
تتوه منّا القوافي
حين أرتَمي بين ذراعيك،
فأنا، كلّما أتعبتني الحياة،
أعود إليك كطفلةٍ
تبحث عن صدرٍ دافئٍ
يُخفِّف روعها،
ويُعلّمها أن الطمأنينة
ليست مكانًا... بل إنسان.
حبيبتي:
تعالي يا طفلة الوجد،
سأضم تعبك بين ضلوعي،
وأسكب من سكون قلبي سلامًا،
فما خُلق الحبُّ إلا
ليُعيد أرواحنا إلى براءتها الأولى.
حبيبي:
تتوه القوافي،
ويصمت النداء،
حين تتعانق أرواحنا
فوق ضجيج العالم.
لا جسدٌ يجمعنا،
بل نورٌ يمتزج بنور،
وصمتٌ يعرف سرّ الكلام.
حبيبتي:
هناك،
حيث لا حدود بين أنا وأنت،
يصبح العشق صلاةً،
والحضور سجودًا،
فنذوب معًا في مطلق الحب،
كما تذوب القطرة في البحر،
لا تُرى... لكنها منه.
حبيبي:
نعم يا حبيبي،
لقد تخطّينا حدود المعقول،
وبعشقنا نلوّن الحروف بمشاعرنا
كألوان الربيع،
نعطّر مساءاتنا بعبق البوح،
ونُحلّق بأمانينا إلى أطراف الكون،
نرتّل صلواتنا،
ونُنهِد قلوبنا بشغف الأرواح.
حبيبتي:
وهناك، في عالمنا الذي صنعناه،
لا مكان للخوف ولا للانتظار،
فالحلم الذي نحيا فيه هو حياتنا،
والحب الذي نرتشفه هو وجداننا،
نذوب فيه معًا،
كما يذوب النور في نور،
وكما يذوب البحر في حضن السماء،
ليصبح كلّ شيءٍ واحدًا…
روحًا، وحنانًا، وأملًا.
حبيبي:
فلنحيا إذن في هذا الحلم،
حتى إذا استيقظنا،
وجدنا أن الواقع لم يكن بعيدًا،
فالحب الذي نعيشه
صاغه الخلود من نبضاتنا،
ومن عطائنا الصافي،
ومن بوحٍ لا يعرف النهاية.
حبيبتي:
وهكذا،
تصبح حياتنا صلاةً،
وعشقنا نورًا لا ينطفئ،
نُحلّق بأرواحنا فوق العالم،
ونترك في كلّ قلبٍ حولنا أثرًا...
من حكايتنا،
ومن سكوننا،
ومن صخب الشغف الذي يعانقنا.
حبيبي:
أصبحنا أنا وأنتِ ثنائيًا من ضوءٍ وحنين،
نعيش في عوالم لا تنتهي،
نتنفّس الحلم،
ونترك أثر الحب خالدًا
في كل نبضةٍ حولنا.
احبك يحيى
احبك حبيبتي
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق