الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

نص نثري تحت عنوان{{نافذةُ الشَّمّ}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


 خمسُ نوافذَ للحُبّ 5

"نافذةُ الشَّمّ"

في المدى الأزرق،
تفور الشمس على الرمل،
ويتشابكُ المدُّ بالجزر كما تتشابك الأصابع حين يشتاق القلب،
ليفوح من الموج بخورُ السراب،
وأنك... كلما لامس المدُّ كاحلك،
تبدل لون البحر،
واختلط الملح بعطرك،
وكأن البحر كله خرج من زجاجة أنوثتك.

وفي بُستانٍ يتهامسُ بالندى،
تتسلّلُ رائحةُ الزهر من بين الأغصان،
كأنها تجرُّ ذاكرتي من خاصرتِها،
من أتى بهذا العطر؟
من تسلّل خصلة ضوء؟ أم من سريرٍ غفا على كتفك؟
ربما شيء يشبه أنفاسك المستترة.

وعند سويعات المطر،
تتدلى من الغيم رائحةٌ، تختلط بأنفاس الطين الناعم،
وأشعر أن الأزهار تعيد ترتيب نفسها لتشبه عبيرك،
وكما... لو أن المطر نفسه أصبح جسدك.

وفي العتمة،
تسرد شجرةُ عطر أنفاسَ الظلام بصوت حفيفها،
تبعث بإحساسها، 
بعبير يلتف حول كل شيء،
أي شيئ ،
ثم تظهرين... لتصبح الروح رهينة عطرك،
تمسّين وتهمسين لبواطن أرنبة :
"ها أنا هنا، بوابل وشي ورقة".

وحين يتوحّد الليل غلال أنفاسه
أشمكِ في الضوء، وأسمعكِ في النسيم،
أراكِ في كل ظلٍّ يلمس وجهي،
أذوقكِ في الكلام، وأحسّكِ في السكون...
فأدرك أن الحب حين يكتمل —
يصبح إحساسًا واحدًا،
تنصهر فيه المشاعر من نوافذها الخمس.

✍️ محمد الحسيني – لبنان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق