هديل الكلام
✒️ أ. محمد الصغير الجلالي
لمن يغرد
هذا الحمامُ
في الصباحِ
وفي المساء؟
يميلُ صوته
نحو نافذتكِ،
ميل عاشق
على وعدٍ قديم،
ويهمسُ:
ما زال في القلب متسع
لمن يجيء
ولو بعد حين.
ويتابعُ غناءَهُ
كأنَّهُ يلتقطُ
ما تناثرَ من روحِكِ
في ليلٍ طويل،
ويوقظُ فيكِ
طفلًا
كان ينامُ
على صدرِ الحكايا،
ويفتحُ نافذةَ القلب
لنسمةٍ
تَعرفُ اسمَكِ،
تدخلُ
كأنها آتيةٌ
من زمنٍ
كان يحبُّكِ.
هذا الحمامُ
لا يغنّي عبثًا؛
إنه يجمعُ نورًا
سقطَ من خطواتكِ،
ويحملهُ
إلى شجرةِ الصباح
ليصنعَ منه
عشًّا
يشبهُ حلمكِ.
وحين يرفرفُ
أسمعُ في جناحِه
رجعَ نبضٍ
كنتِ تخبـئيــنهُ
ليقيمَ فيكِ،
فأعرفُ أن الغناءَ
ليس للهواء،
بل لكِ…
وكأنَّ الحمامَ
مرآةُ قلبٍ
يتذكّرُكِ
كلما طار.
ويواصلُ نشيدَه،
كأنَّهُ يرشُّ على الصبح
ملحَ حضوركِ،
ويشيعُ في الدقائق
دفئًا
يأتي من جهةِ صوتكِ.
يرتفعُ قليلًا،
ثم يهبطُ،
كأنهُ يشرحُ للنهار
كيف يمشي الحنان
على قدمين،
وكيف يصدحُ القلبُ
إذا مرَّ طيفُكِ
خفيفًا
قرب النافذة.
وحين يدورُ
فوق السقيفة،
أشعرُ أنه يرسمُ
دوائرَ من ضوء،
يضعُكِ
في مركزها،
كأنَّ العالمَ
لا يستقيمُ
إلا بقلبكِ.
وحين يبلغُ
نهايةَ غنائه،
يرفرفُ
كأنهُ يمسحُ عن نافذتكِ
غبارَ المساءات،
ويتركُ في الهواء
خطًّا من نورٍ
يميلُ إليكِ.
ثم يقفُ،
هادئًا،
كأنهُ يقولُ ما لا يُقال:
إنَّ القلبَ
حين يحبّ،
يصيرُ له جناحٌ واحد،
والآخرُ
تهديه لمن تحبّ.
ويغدو الصباحُ
أوسعَ قليلًا،
والكونُ
أقربَ إليكِ،
حين ينهي الحمامُ
غناءهُ
على عتبةِ روحكِ,
ويتركُ لكِ
سلامًا
لا يسمعُهُ
إلا قلبٌ
يعرفُ كيف يطير.
تونس ، 26-11-2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق