على أكتاف الحروف
قد ظلموا بأوجاعُ السنينِ نكباً
و داروا يلعنونَ بطعنهم أزمنتي
قوافلٌ من جناةِ الهوى صاروا
ذئابٌ ينهشُونَ بلحمَ جثتي
و أنا المكسورُ كنتُ أحْسَبُهمْ
رفاقٍ بصدقِ الدربِ برحلتي
سافروا كالغرباءِ طاعِنينَ
لذوا بالفرارِ و خانوا كلَ ثقتي
مزقوا بكلِ أحشائي فغدروا
هدموا بالحياةِ و دفنوا شهوتي
رضيتُ بهم يوما كانوا صغاراً
و عندما كبرِوا أحرقوا دنيتي
كانوا معنا في الحلمِ نلهو
عيدٌ كانوا و نورُ شمعتي
بقربهمْ كنتّ أفرحُ و أرنو
أغازلهمْ عطراً بسحرِ قصيدتي
ملاكاً بالعمرِ كنتُ أداعبهم
إلهٌ كنتُ أراهمْ و تلكَ غلطتي
تلك الأيامُ كانت عالمي
فمالي أبكي الآنَ بحزنِ أُغنيتي
نهمتُ خلف الذكرياتِ ألماً
أعدُ بالخساراتِ بزمنَ خيبتي
رحتُ من بعدِ الوداعِ أُعاتبُ
كفرُ زمنٍ و أجرعُ بكأسَ خمرتي
بباب الريحِ وقفتُ شارداً
أشتمُ بقدرٍ ساقَ بظلامُ قفرتي
حزينٌ أنا أحرقُ بذاتي و أتنهدُ
أدفنُ صورُ الراحلينَ ألماً برقتي
كم تعاهدنا بأن نمضي أملأ
و كم أبهرتنا الأحضانُ بلهفتي
مالهم تغيروا بالحالِ بعجلٍ
مالهم بالرحيلِ كسروا بأجنحتي
شدوا على أيدِيهمْ بالسيوفِ
ذبحوا روحي و ذبحوا فرحتي
إنَ لعنةُ الطيبِ ندامةٌ و إن
دارَ الوهمُ يبرقُ فجراً بصورتي
بالأمسِ كانوا أحبابً و أهلٍ
و اليومْ قد غدوا ببؤسَ لعنتي
فأدنو بجدارِ الحروفِ و ألعنها
سطورٍ تقطعُ بالشرايينِ بحرقتي
يا أيها المائلُ لجهة العذابِ
كيفَ بسهلٍ قد خنتَ عشرتي
كيفَ أدمنتني بهواكَ لألفٍ
غريباً رحتَ ترمي بسنينَ رفقتي
بألفِ خنجرٍ بغدركَ طعنتني
بالجحيمِ أضرمتَ ناراً بسهوتي
على دروبِ الموحشاتِ صرتُ
دمعاً بها أنتفضُ بحزنَ دَروتي
فكلُ جِراحاتُ الطعنِ تعرفني
كلُ الإنكساراتْ تنسكبُ بسلتي
تائهٌ غريب أعتِقُ ظلَ النوى
أبحثُ عن بقايا صورٍ بفَجعتي
يهمسُ الليلُ في ضجرٍ ويلي
مالكَ تشكو الهوى بصحبتي
و أنا لم أشكو معكَ سواداً
إلا حينما أقبلتَ تكسرُ بِظلمتي
قلتُ إني أعوذُ من جرحٍ نازفٍ
من سُكرةٍ تشقُ بالألمِ بسُكرتي
غريبٌ مازلتُ أجرُ ببقايا نعشاً
أبحثُ عن سرِ النجاةِ بِعتمتي
أركضُ زاحفاً خلفَ القرابينِ
ألملمُ ما تبقَ من ذكرياتُ جَمعتي
حتى أبحرتُ بدموعَ العيونِ
شغباً رحتُ أعاشرُ مرَ عزلتي
مقتولٌ أهربُ من نارِ الذكرى
أتزمرُ وجعاً كاليتيمِ بوحدتي
أناجي بكلِ حينٍ و أدعو
سَماءٍ تحجرتْ حالُها بشهقتي
كانت لنا فرحٌ و بساطةُ عمرٍ
أيامٍ كانت تحفظُ سرَ ضحكتي
فقسَماً بالروحِ كنتَ أحمِلهمْ
سنينٍ بقيتْ تشهدُ على عِلتي
يا دارُ لا تسْكني عَتمَ قبورِنا
و لا تحرقي بالذكرياتِ بسَقطتي
كلابٌ كانوا أصلهمْ عارٌ
لم يرحموا قلبي بدمارُ مملكتي
لعنوا بيتي لعنوا كلَ عمريَ
دمروا حياتي كلهُ و صحوتي
نسَبوا على دربُ الشقاءِ كَربٌ
رَحلوا منَ العمرِ عَن غفلتي
زعموا فرحاً بكذبهم و إبتعدوا
خيبٌ كانَ بعدهمْ و راحٌ سَاعتي
إلى أين صاروا و كل العناوينِ
مرآةٌ تعكسُ بألفِ جرحٍ نظرتي
تركوا وراءهم بلائي في نهمٍ
كفارٌ كفروا باللهِ قسوا بِحَالتي
بِاللهِ لا تقولوا نحنُ بشرٌ
فقد ماتَ زمنُ البشرْ بكسرتي
سَلبوا مني كلَ صُورِ الحَياةِ
و شَردوا الروحْ بالردى بِخلوتي
أطاحوا بِجدارِ القوافي كلها
جرحٌ دارَ يشعُ بألمُ قافيتي
سكنوا بعيدينَ كذابحين رسوا
بين وجعينِ و الوجعُ بيتُ لغتي
ها أنا أسكبُ بكأسِ الوداعِ مراً
أجولُ بالأحزانِ عالمَ قسوتي
ها أنا أرشفُ بالهمِ خساراتي
أضرَعُ باليأسِ و ألطمُ ليلتي
أشكو إلى ربٍ فقد يعرفني
عسى يرحمْ من أرجوهُ بدعوتي
عِدتُ بألفِ قصيدةٍ فأكتبها
حروفٍ قد باتتْ مرآةَ صرختي
للدهرِ حصةٌ من مرهِ يباركني
لي نكبٌ و كفر و حبالُ مشنقتي
مالي أذكرهم و الغيبُ يبليني
بِحروفٍ تلمَعُ بأوارقُ نعوتي
فَتناثرَ من جسدي كُلَ نِعمٍ
و الأقدارُ شَاءتْ تمضي بِذلتي
من يحملُ عني وجعُ السنينِ
من يرى ظلمَ الكافرينَ بواحتي
من يدري ما أنا بِما أحْمِلهُ
سَنواتٍ دَراتْ تُكثِرُ بِحسْرتي
فإن كانوا يَغفلُونَ عَن ثِقلٍ
فَتلكَ الأثقالُ فَوقَ كُلَ قِدرتي
ربي أسْقِهمْ مِثلما سَقوني مراً
فذاكَ عَدلكَ و مِيزانُ قِصتي
قد أطاحوا بي عصفاً و ما
كانوا لعنةٌ إلاَ بِأيامَ كَبرتي
نزفُ الجِراحَاتِ أنهُرٌ تُسَابقني
و نزفُ العِيونٍ تباريحٌ بِنكْسَتي
أقتدي بالصبرِ في البُكاءِ وجعٌ
أسْلو في غِيبٍ بِمرِ حكايتي
فلا دينٌ يَبرقُ عدلَهُ في بكاءٍ
و لا الصبرُ بَاتَ ينفَعُ بِبلوتي
هي الدنيا تشتاقني في هلاكٍ
فهيهاتٌ للتي دارتْ تحيا بِدمعَتي
فتباً لمن خانوا عهدُ الوفاءِ
و راحوا يُنكِسُونَ جرحاً برايتي
ابن حنيفة العفريني
مصطفى محمد كبار ..... ٣١/ ٨ / ٢٠٢٥
حلب سوريا