السبت، 25 يناير 2020

قصة قصيرة بعنوان {{هذا مافعله اميتاب}} بقلم القاص العراقي القدير الأستاذ{{رعد الإمارة}}

 (هذا مافعله اميتاب ) لم اكن اجتماعيا بالمرة، بل كنت اميل للوحدة بصورة مرعبة، حالم في أكثر الأحيان، تروقني نحافتي وتغضب الآخرين، وأعني بهم أهلي وبعض أقاربي! ورغم نحافتي الملحوظة إلا أنني كنت وسيما بأمتياز،وقد شبهني بعضهم بالفنان ملحم بركات!لذا كان من الطبيعي أن أصبح مستمعا مدمنا لأغنيته ذائعة الصيت  (ست البنات)،العجيب هنا اني لم أكن اعشق البنات بأفراط، ماكنت اعشقه واميل له بشدة هو اميتاب،لقد ترك غرامي بهذا المارد الهندي أثرا لايمحى. تبا! كلما رجعت بذاكرتي لتلك السنين التي امضيتها وانا الاحق أفلامه واغانيه وصوره ينتابني الغضب والرثاء لحالي!كان عمري لايتجاوز حينها الثامنة عشرة، وكنت مدللا لكنه ليس دلالا مفرطا بالمعنى المعروف،  وإنما دلالا عاديا! كان لي غرفتي الخاصة والتي كانت كالعادة تليق بمراهق مثلي، ملأت جدرانها بالصور المنوعة والتي  كان أكثرها لصديقي اميتاب وبوضعيات مختلفة، كان في بعضها ثائرا وفي الأخرى مكبلا بالقيود وثمة غيرها وهو يحتضن إحدى فاتنات الهند. ورغم ميل ابن عمي المنافس العنيد لي في حبي لأميتاب أيضا ،إلا أنه لم يكن باستطاعته التفوق علي، خاصة وهو لايمتلك غرفة خاصة به ليعلق صور اميتاب  على جدرانها !هذا الأمر جعل اعصابي هادئة في معظم الأحيان، رغم ذلك كان يرافقني في أغلب الأوقات ،خاصة في الأيام التي يكون فيها جيبي عامرا بالمال!نختار مقعدين في نهاية الصالة بعيدا عن أنظار الرواد الآخرين، وعادة ماتكون جيوبنا ممتلئة بحفنات كبيرة من الفول السوداني والنساتل المحشية بالحليب، كنا نخرج في معظم الأحيان بعيون محمرة وقد اضناها الدمع الساخن، وكان اميتاب العزيز بنبرة صوته الحزينة وعيونه الدامية   يدفعني دفعا إلى احتضان ابن عمي في نوبة بكاء عارمة، خاصة إذا تكاثر عليه الأشرار وقتلوه في النهاية. تفوقي الدراسي الغريب !دفع ابي المعجب هو الآخر بالأفلام الهندية وجدتي الرائعة إلى منحي مزيدا من المال الذي كان يصب في الأخير لمصلحة اميتاب، لقد كلفتني متابعته والإدمان على أفلامه أموالا كثيرة! أتذكر أيضا أننا دخلنا في مشاجرات عدة مع الصبيان الآخرين بل وحتى الكبار بسبب غرامنا بالفاتن اميتاب، كان سبه أو النيل منه أمامنا جريمة لاتغتفر! فيما بعد تغيرت الأمور كثيرا، حتى إنها انحرفت تسعون درجة، فارق ابن عمي الحياة أثر تعرضه للدهس من سيارة حقيرة مسرعة، وكان من الطبيعي على أثر ذلك،  أن يتغير مزاجي وان يركبني الحزن لفترة طال مداها. بعد سنوات على ماتسعفني ذاكرتي الخرقاء شاهدت آخر عرض لأميتاب، جلست في مقعد منزوي بعيدا عن الآخرين، ويبدو أن عيوني كانت أكثر سخاءا بدمعها هذه المرة!لقد بكيت كما لم ابكي طوال عمري،هذه المرة لم ابكي على اميتاب، بل بكيت ابن عمي الذي كان يدافع عني في المشاجرات! أدركت حينها  فقط من كان اميتاب الحقيقي!!!



بقلم /رعد الإمارة /العراق 

25/1/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق