السبت، 2 مايو 2020

قصيدة نثرية بعنوان {{أَسْفَارُ كُورُونَا}} بقلم الشاعر المغربي القدير الأستاذ {{العلمي الدريوش}}

.......     مَلْحَمَةُ الزَّمَنِ الْأَخِيرِ
           ( أَسْفَارُ كُورُونَا)
  
      - 6 - رُحْمَاكَ رَبِّي  

كَأنَّهُ فِعلاً يَوْمُ الْقِيَامَةِ. 
رُحْمَاكَ رَبِّي،
وَقَدْ خَابَ فِي الْأََرْضِ مَسْعَانَا
وَانْحَسَرَ الْيَومَ السِّبَاقْ..
لَا رُؤْيَةَ بِالعَيْنِ تُجْدِي
فِي هَذَا النُّشورِ المُدَوٍي 
فَالْعَيْنُ مَصدُومَةٌ حَسِيرَة..
 وَالشَّمْسُ أطفات نورها 
وَعَمَّ الظَّلَامُ بِكُلِّ دَرْبِ..
حَافِياً
 عَارِياً كَأوَّلِ الخَلِيقَة    
بُعِثْتُ مِنِّي 
أُطِلُّ رَاعِشاً بِقَلْبِي..
تُكَلِّمُنِي في الْعَرَاءِ عَنِ الشَّكِّ فِي الشَّكِّ الْحَقِيقَة..

رُحمَاكَ رَبِّي،
وَقَدْ أَلْهَمْتَنِي فِي السَّدِيمِ صَحْوَةَ الْبَصِيرَة..
أَكُلُّ هَذَا الزَّمَانِ الْمَدِيدِ
يَنهَارُ فِي دَقِيقَة !؟ 
 رَأيْتُ خَلْقَكَ مَبْثُوثاً كَالْفَرَاشِ
وَكَالْعِهْنِ الْمْنفُوشِ بِرَمْشةِ عَيْنٍ
ذُلَّتِ الرَّاجِمَاتُ وَالقَاذِفَاتُ 
وَالْعَابِراتُ وَالْحَامِلَاتُ ..
وَمَا تَجَبَّرَ فِي الْأَرْضِ طَويلاً..  
رَأَيْتُ آلِهَةَ الشَّرِّ الطَّلِيقَة فِينَا
تُمَزِّقُ الْأَقْنِعَةَ الْقَدِيمَةَ وَتَجْرِي
سَخِيفَةً كَكِذْبَةِ أَبْرِيلَ        
مُحْتَارَةً كَعُيُونِ مَوْتَاهَا 
فِي مَصَارِفِ النِّفْطِ وَالدُّولَارِ تَنْتَحِبُ..
رَأَيْتُ قَرَاصِنَةَ الْبَحْرِ 
يُخَرِّبُونَ مَراكِبَهُمْ،
يُحَرِّرُونَ الرِّيَاحَ وَالرَّذَاذَ مِنْ قَبْضَاتِهِمْ، 
وَيَعْتَذِرُونَ لِلْمَوْجِ وَالنَّوَارِسِ
قَبْلَ أَنْ يَنْسَحِبُوا..
وَقَدْ خَابَ الْمَسْعَى وَالرَّجَاء فِي الْغَنِيمَة..
رَأَيْتُ وَجَعاً أَسْوَداً بِحَجْمِ مَرَاثِي الْعِرَاقْ 
يَتَسَلَّقُ ثَكَنَاتِ الْجُنْدِ الْمَخْدُوعِ بِتِرْسَانَتِهِ
وَحَدَائِقَ زُعَمَاءِ الْمَوْتِ الْأَزْرَقِ
وَقِلَاعَ أُمَرَاءِ الْكَشْحِ وَالنِّفَاقْ..
رَأَيْتُ دُمُوعَ الصِّغَارِ وَالْعَذَارَى 
تَحْتَ أَسْوَارِ الْأَنْدَلُسِ الْغَرِيبَة..
يَقْرَءُونَ قصَائِدَ بْن عَبَّاد وَلُوركَا 
وَيَرْقُصُونَ مَعَ الْغَجَرِ الْمُسَافِرِينَ 
إِلَى بِلَادٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْأَرْضِ الْحَدِيثَةِ
 لَا تُحَارِبُ الطُّيُورَ وَالْمَطَر..
وَيُحَيُّونَ الْجُثَثَ الْمُتْعَبَةَ فِي حَصَادِ الرَّبيعِ الْحَزِين..
 لَعَلّهَا تَنْطِقُ بِالْحَيَاةِ مَا اسْتَطاَعَتْ سَبِيلَا
 لَعَلّهَا تَبْسَمُ فِي ظَلَامِ الْمَوْتِ أَوْ تُغَنِّي للأَمَانِي الْجَمِيلَة.

رُحْمَاكَ رَبّي،
وَمَا أُوتِيتُ مِنَ الْعِلْمِ فِي الرُّؤْيَا إِلَّا قَلِيلَا،
أَحَقّاً هَذِهِ الصَّاخَّةُ جَاءَتْ يَقِينَا
أَمْ إِنّهَا رِيحُ صَرْصَرٍ تُعَادُ فِينَا
بِمَوْتٍ حَقِيرٍ يُنْذِرُ الْمُتْرَفِينَا؟ 

د.العلمي الدريوش - المغرب


.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق