الجمعة، 12 يونيو 2020

ج (الثاني عشر) من قصة {{هنا مات وطني}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{مهند كريم التميمي}}

الفصل الثاني عشر من قصة / هنا مات وطني ..

وحين عدت من الحمام كنت أخطو بالممر المؤدي إلى باب غرفة التحقيق طرقته ،  برفقتي الشرطيان المرافقين لي تبادر إلى أسماعي صوت نحيب وعويل وأذا بصوت  المحقق يتعالى بالتهديد والوعيد ، أنطقي بكل ما تعرفينه من صغيرة وكبيرة  وكيف سلكت هذه الطريق ووصلتي إلى ما أنتِ عليه ، حينها كنت وصلت إلى الباب  طرقته ، سمعت صوت المحقق يأذن لي بالدخول ، وأذا بأبنتي تجلس مقابله تفصل  بينهما طاولة وهو واقفاً يستند عليها وعيونه تحدق بها غير أبه بي ، وهي  تبكي بحرقة وندم وحين رأتني أشقعر بدنها أشمئزازاً من رؤيتي ، وصرخت بحالة  هسترية أخرجوا هذا الرجل وإلا قتلت نفسي في الحال ، رمقني المحقق بنظرته  التي قسمت ظهري ألم تسمع ماقالته أبنتك بصوتاً لايخلو من النهر الغيظ أخرج  وأغلق الباب خلفك ، وغير مسموح لك بالدخول حتّى أطلب منك ذلك ، حينها  طأطأت رأسي ورجعت خطوة إلى الوراء وأغلقت الباب وجلست بأقرب كرسي إلى الباب  ، وبعد الصمت اللذي يسبق العاصفة هدر صوت المحقق في وجه أبنتي ألا يكفي  هذا الصمت ، تحدثي وألا جعلتك تتعفنين في السجن وتتمنين الموت ولا تصلي  إليه ، حينها نطقتُ ، سأحدثك بكل شيء فأن الصمت لم يعد يجدي نفعاً ولن يغير  ولايبدل من الواقع بشيء ،،،،،،،،،، ذات مساء عاد والدي برفقة أحد أصدقائه ،  و بعد دخولهم إلى غرفة الضيوف ، نادى على أمي لا أعلم حينها ما الأمر ، أو  ما سبب زيارة ذلك الضيف ، و بعد يوماً طلبت مني أمي أن اوافق على الزواج  من ذلك الضيف ، الذي كان يبلغ من العمر ما يقارب الستون عاما و نيف ، و  بعد حواراً طويل مع أمي كنتُ أرفض الموافقة من زواجي له ، هل من سبب يذكر ،  لا أعلم غير أني مهما كبرت سأبقى طفلة صغيرة ، و أنا في حضن أمي الحبيبة  العليلة ، كنتُ أخشى الأبتعاد عنها بسبب عنف أبي و تهوره الغير المحدود  الذي نراه بأم أعيينا كل ليلة منه ، وبعد مرور أيام ليست بعديدة نادت علي  أمي في غرفتها و كانت حالتها الصحية غير مستقرة قائلة ، أبنتي أرتجيكِ أن  توافقي على زواجك من هذا الرجل فأنا لن أدوم لكِ وقت طويل ، و أنتِ تدركي  جيداً ماذا سيفعله بكِ أبيكِ من بعدي ، حينها عدتُ إلى غرفتي حيثُ أرتميت  على فراشي باكية بحرقة مؤلمة شعرتُ حينها ، بأن أمي قد بدأت تعد أيامها  القليلة من ما تبقى من عمرها و ليس لي سنداً بهذه الدنيا سواها , أمضيتُ  وقتُ طويلاً بالبكاء حتى غفوت من شدة الأعياء و الأرهاق و ثورة بركاني  الذي بعثر كل شيء بي ، و بعد مرور ساعات طويلة نهضت من فراشي و كانت حالتي  صعبة جداً كأن هناك شيءً ما يقبع على صدري و كان الصداع يزلزل أركان رأسي و  عيناي النحيلة تمتلئ بالدموع و الكثير من الكحل الأسواد ، خرجتُ من غرفتي  ذاهبتاً إلى غرفة أمي طرقت الباب حتى سمعت صوت أمي يأذن لي بالدخول ، فتحت  الباب قلت لها أماه أنا موافقة على زواجي من ذلك الرجل المسن ، ثم عدتُ إلى  غرفتي باكيةً من جديد , و بعد أيام أخبرني أبي بأن الرجل سيتزوجني في  نهاية الأسبوع , حينها كنتُ متيقنة بأني لن أذق طعم الراحة يوماً معه ،  بدون أمي ، فحاولت حينها أقناع نفسي بأن الحال قد يتغير ذات يوم لكن بلا  جدوى و هذا مصيري  سأقبل بهذا العذاب الطويل شئتُ أم أبيت ، و بعد أيام  قليلة جاء الموعد و كنتُ أنا أعيش بحالة مذرية ما بين اليأس و عدم الشعور  بالحياة ، كأنهم كانوا يودون تشييع جثماني و أنا مازلتُ على قيد الحياة ، و  في المساء جاء الرجل و كان بصحبته شيخ ليعقد القران ، و كانت أوصالي ترتجف  و تأن من شدة الخوف و البكاء ، و الأجواء من حولي كانت خالية من الحياة  أشبهُ بمدينة قتل جميع سكانها و أنفضت بيوتها لا تسكنها سوى الأشباح ،  حينها تم عقد القران و أصبحتُ زوجة لذلك المسن ، و بارك لي أبي الذي باعني  بثمن بخس من أجل أرضاء شهواته ، و أمي التي كانت تبتسم في وجهي و في داخل  صدرها مئات الحسرات و الألالم ، و زوجي المسن كان ينتظر موعد الرحيل بفارغ  الصبر كي يفض بكارتي بصورة قذرة ووحشية بالغة ، كي يدمر ما كان يتبقى بي  من حياة ، حيثُ يرمي بي كجثة هامدة على أطراف السرير ليس لها القدرة على  الحراك و المقاومة ، و عدم الوقوف من جديد ، حينها تيقنت بأني لم أعد صالحة  لشيء أو ربما أصبحتُ كدمية خالية من بهجة الحياة ، لا ترى لا تتحدث لا  تسمع شيءً , و بعد مرور بعد الوقت طلب مني ان نغادر الى بيته الجديد حينها  حملتُ حقابي دون وداع أحد من أفراد عائلتي , ثم خرجتُ و انا كالطير المذبوح  من الوريد الى الوريد ، دون النظر إلى أي أحداً منهم أو حتى الألتفاف  ورائي , كان يتحدث معي طول مسافة الطريق و كنت أنا فعلاً كتلك الدمية فاقدة  الروح التي ليس لها كيان او شعور او احساس بأي شيء حتى الوصول الى باب  منزله ، حينها نظر إلي مبتسما قائلاً سأمنحكِ كل شيء حتى تمنحيني قلبكِ يا  أيتها الحسناء الجميلة , ولم أسمع ما كان يردده أو حتى الشعور بتواجده إلى  جانبي ، حضرة المحقق أطلب العودة الى زنزانتي للأستراحة حتى يوم غد صباحاً ،  فأنا مرهقة لا أستطيع أكمال الأستجواب أو النطق بأي شيء من شدة التعب ,  حينها سمح لي بالذهاب و أعادتي باليوم التالي ..
بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق