الجمعة، 12 يونيو 2020

نص نثري تحت عنوان {{القدوم والغياب}} بقلم الشاعر التونسي القدير الأستاذ{{محمد طه العمامي}}

"  القدوم والغياب"

 ان تعودت القسوة من شخص قريب منك أو شخص تحبه فإنك تصدم لحظة ويفاجؤك بمحبة كبيرة تغمرك بحنان فياض الى درجة أنك قد تبكي 
كان القاء مستبعدا  يقتلنا بعدمه 
وحينما جاءت وكان الربيع حلَّ دفعة واحدة 
والورد نبت بينا اصابعنا 
لذلك كانت  فرحتي عارمة ، أضف الى ذلك الاحساس بالخوف الخوف من عدم القدوم  بسبب التقلبات  الاخيرة 
جعلت قدومك امرا استثنائيا  مثل ابتسامة على شفاه بحّار بائس .
ان الخوف من الفقد  أوجع بكثير من الفقد ذاته ، لان الذي افتقد شيئا  ما  مهمّا ،  تتضح له امورا وتعتاد حياته على وضع أخر جديد  مهما كان محزنا وبغيضا 
اما الخائف من الفقد فإنه يكون دام التوجس والاسى فلا يستطيع أن يستمتع بهذا الذي يخاف افتقاده أبدا .
على هذه الوتيرة صارت علاقتنا  ان غيابها يقتلنا يدمرنا  لكن قدومها يتعبنا ايضا ويبكينا لانه انذار او اعلام بغياب جديد اشد ترويعا لنا .
اطلالة في لحظة تشبه الاغفاءة  لحظة بين اليقضة والنوم رايتها تطل من بعيد مثل زهرة ياسمين مستحيلة  عيناها تشعان ببريق  إلهي 
 ووجهها فجر شاحب . متقدمة بإتجاهي مثل طفلة ضيّعتها الدروب 
ظننت انها لن تأتي أبدا . انتظرتها الى ان تيبست عناقيد الفرح في قلبي وجفّ نبع المواعيد 
كنت دوما أشعر أنها رمز  .. فكرة  مغرية ولذيذة ولكنها في الآن نفسه مكللة بالسراب والشك .

غنيتك وحدي وامام الدنيا . غنيتك حتى بحّ العمر وتأكل 
لكن هذا القلب لن يحتلّه قمر سواك .
استوطنتي  مثلما يستوطن الحزن عصفورة مقصوفة الساقين  وادمنتك أكثر  مما في بالك 
أخيرا ها قد أطليت . كم تشبهين الحمامة والياسمين 
وجهك متفجرا  بالنور مثل قمر ليلة القدر 
كل الواتي عرفتهن قبلك كن مقدمة لك . مثل العواصف والرياح التي تأتي  فقط لتبشر بالمطر ثم تمضي  
عرفت الكثير ورغم ذلك ظل مكانك في الروح خاويا 
لا واحدة استطاعت ان تملأه الى ان جئت انت
 عرفت الكثير لكي اصل اليك  ولكي اعرف انك خلاصتهن ومنتهاهن كلهن تمهيدا لواحدة حرون 
وجهك يقول الشيء وعكسه  ملغز وعميق 
ما اروعك وما ابهاك  حضورك مربك ومستفز 
يقتلني غيابك ولكن حضورك يقتلني أكثر 
فرحت مرتين 
حينما كنت طفلا وحين التقيت بك وما بين هذين الزمنين كنت أرفل في اليتم والفراغ 
لك وحدك حديقة عمري وزهرة أيامي  سادعوك وطنا في زمن لا اوطان فيه  
ساكون عيدك ساكون فرحك 
حظنا بعضنا  حتى وان تنازعنا وغضبنا 
مثل عصفورين سقطا من أهداب الخوف ثما طرنا بعيدا  وحطينا الرحال في قمم عالية او في جزيرة من نور 
محمد طه العمامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق