الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

نص نثري تحت عنوان{{السند}} بقلم الكاتبة اللبنانية القديرة الأستاذة{{لينا ناصر}}


•~السند~•
النص الثاني عشر
من مجموعة نقاط ناطقة
بقلم لينا ناصر

جلس القلم مستنداً على هامش الورقة ، وتنهد بارتياح طفل يستند على كتف أمه وقال: 
ياسيدة الكلم ، الوفية أبدًا لرفيقك القلم ، أتيتك متسائلا لثقتي بحنكتك وبلاغتك في الاستحواذ على كل ماكان في القدم،  وكل ماتوصل اليه العلم من دراسات وأبحاث وحكم ، أخبريني ماهو برأيك التوصيف الأرقى والأبقى الذي تحمله العلاقات بين البشر ، توصيف يشمل كافة الأمم من عرب وعجم ، كونه يحتوي على نسبة عالية جداً من المبادئ الانسانية والاجتماعية وأبلغ القيم؟
أنعمت الورقة في حديثه وبفضولها المعتاد قالت:  سيدي ، وهل تجرؤ قطرة حبر أن تلثم جبيني الوضّاء الا بقرار وتحريض قلم؟!
أأنت السائل وأنت المسؤول والحكيم ، السّاقي والنديم ، المكلوم والكليم ، فلا تتواضع كثيراً فقد أثرت فضولي لأعرف ذلك التوصيف الذي ذكرت ، هيا انسكب عطراً فوق جيدي ولا تدع سطرا مني يشكو الفقد لعناق حبرك الحميم..
فسرى الحبر ساخنا كالدّم في أوردة القلم وهرع يهرول بخطىً حثيثة فوق السطور ليروي فضول نديمته بكل ماأوتي من علم.. 
قال:يارفيقتي الرقيقة ، قد يظن البعض أن الحب أرقى المشاعر وأسمى الأحاسيس، وينصبونه ملكاً على الأحلام متجاهلين أهم نقطة من نقاط ارتكازه .
 فهل يستقيم الحب دون ثقة؟!
 وهل تستقيم الثقة دون مواقف تدعمها؟! وهل تكون المواقف داعمة اذا كانت تدعم الصواب فقط؟!
 وهل يدعم الخطأ فينا الا شخص يتقبلنا بكل حالاتنا ؟!
وهل يتقبل تقلباتنا واختلاف حالاتنا الا شخص مستعد للمكوث معنا للأبد ؟!
ذلك الشخص ليس حبيباً فقط، ولا صديقاً، ولا حتى فرد من العائلة، قد يكون غريباً ثم يصبح قريبًا ، فقريبًا جدًا ثم يتحول الى سند.. 
السند هو الذي يفهمنا قبل أن نتكلم،
ويستوعب مواقفنا حتى تلك التي يراها الآخرون خطأ، ويدعم قراراتنا دون نقاش ..
يحمينا حتى من أنفسنا أحيانًا.. 
يحتمل كافة تقلباتنا،
 يحترم مشاعرنا يشاطرنا الأفراح والأتراح.. 
 لا يشكك بتصرفاتنا قيد أنملة.. 
السند هو الشخص الوحيد الذي يبقى للأبد..

تنهدت الورقة واستراحت على رأس القلم وقالت: 

كم وصفتنا بشكل جميل جداً ، فأنت وأنا قد نكون الوحيدين في هذا العالم اللذين يترافقان على مبدأ ~السند.~ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق