الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

نص نثري تحت عنوان{{القافلة}} بقلم الكاتب التونسي القدير الأستاذ{{حاتم بوبكر}}


القافلة

تركتني إلى التيه سيدتي وفي روحي أحلام الرعاة
أغاني غجر نُسيت
كان بأس الليالي يشد
أتكأ إلى حضنك، أقاسمك الأنفاس
يلين ما بخاطري، يغادرني القلق
كسحر يُحوّل النار إلى برد وسلام
أيناك الآن ...
انا كقصب واد جفّ ماءه
بدا متجعدا، مغمورا بالشيب وبياض العين
كل الورود ذابلة إلا عيناك شموسا في عيوني
لا أحد حريص هنا...
لا أحد يتفقّد القافلة
كلّلما مرت إلا وفقدت حملا
بل إلا ونهش الجمل الجمل
الاحلام عقرت في غيابك
الصمت شبح الحوش والحناء
تركتني إلى بياض ينهش عيوني وظلمة تستر ملامح يومي
حتى صرت مزرعة لا تعرف الألوان
حبّة سكر مرة
لم أكن أعرف معنى الفراق
أنا ترعة ينهشها الفقد
قيثارة اوتارها من الحزن
كيف حالك أبي...
اظنك تتألم مثلي
تسأل عنها الجدران والزيتون
أتذكر أبي:
كأس شاي الفجر
التمر المغموس في الزيت
خبز الطابونة الساخن
زيتونة جدائلها تضحك، جذعها يبتسم
إني مررت قربها امس وجدتها شاردة
تسأل عن أم كانت تزورها
أم كانت تتفقد القافلة من الأمام والخلف
على اليمين والشمال
أفلست القافلة اليوم أمّاه
كل جمل بات يطلب رزقه
الجمال لم تعد تُبالي
أيناك سيدة القافلة؟
إن الانين كإبر في قلبي
أخذت نضارتي، كالفحم صرت من الفقد
كالملح لا يرويني ماء
كل جمل يطلب رزقه
لا أحد يتفقد القافلة.

حاتم بوبكر

تونس 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق