الثلاثاء، 25 فبراير 2025

نص نثري تحت عنوان{{غُرْبَةُ الزّمَانِ وَالمَكَان}} بقلم الكاتب التونسي القدير الأستاذ{{عزالدين الهمامي}}


غُرْبَةُ الزّمَانِ وَالمَكَان
***
والأيّامُ تَجرِي بِنَا ولا تَتَوقفُ فِي مَحَطاتٍ نَرتَضِيهَا فتَتَوَاجَدُ بِهَا لحَظاتٌ نَشعُرُ بِالغُربَةِ بِمَعنَاهَا الرُّوحِي العَمِيق عَن أنَاسٍ هُم جُزْءٌ مِن حَيَاتنَا اليَومِيّة، وَأحْيَانًا نَنظرُ إلى تِلكَ الوُجُوه التِي كَانَتْ قَد عَايَشتْهَا أرْوَاحُنَا قد تكُونُ لِسَنوَاتٍ طَوِيلةٍ لِنَكتَشِفَ أخِيرًا أنّهَا وَبَعدَ سُقُوط الأقنِعَة، أغْرَبُ الوُجُوهِ، فَنَشْعُرُ بِغُربَة الزّمَانِ وَالمَكَان.
وعِندَهَا تَسْقطُ كُل الصُّور الجَمِيلة الِتي رَسمنَاها فِي أعْمَاقِنَا فَيَنْتَابُنَا شُعُورٌ بِالتّلاشِي وَالترَاجع إلى دَاخِلِنَا كي نَنحَتَ لحَظاتٍ لا تُنسَى. وَعِندَهَا فَقط. سَنُخِيطُ مِن الأحْزَان طرِيقًا نَعْبُرُهَا، وَقَدْ اتّكأتْ عَليْنَا كُل قَسْوَةِ الدُّنيَا و نَحنُ نَنتَظِرُ مِنهَا مَا لمْ نَجِدْهُ فِيهَا حَتى أننَا لمْ نَعُد نَنتَظِرُ مَجِيئهَا، حِينَهَا سَتُعَلمُنَا تِلكَ الأحْزَان أنْ نَتَوَقفَ عَنْ جَلدِ أيَّامْنَا، وَأنْ نَتَصَالحَ مَعَ خَيْبَاتنَا دُونَ أنْ تُسْنَدَ ظُهُورُنَا لِمُتّكَئٍ، حَتّى نَتَعَلمَ مِن أحْزَانِنَا أنْ نَدُوسَ عَلى الأشوَاكِ التِي تُغْرَسُ أسْفَلَ أقدَامنَا وَلا نُعِيرُ اهتِمَامًا لِصِغَارِ الأمُورِ، فَتُعَلمُنَا أحْزَاننَا أنْ لا نَطْلُبَ شَفَقَتًا أوْ حُبًّا مِن أحَدٍ، وَحِينَهَا فَقَط سَتَعْلمُ يَا ابْنَ أمِّي إذَا ضَاقَتْ بِكَ الدُنيًا وأغْلقَ الشِتَاء أبْوَابَ بَيْتِكَ، وحَاصَرَتكَ قَسَاوَة الأيَّام مِن كُلِّ مَكَان، فَانتَظِر رَحْمَتًا مِن السّمَاء مَعَ قُدُومِ الرَّبِيع وَافتَحْ نَوَافِذَ قَلبِك لِنَسَمَاتِ الحُرِيّة والهَوَاءِ النَقِي وانْظُرْ بَعِيدًاً سَوْفَ تَرَى الشمْسَ وهِي تُلقِي خُيُوطهَا الذهَبِيّة فَوْقَ أغْصَانِ قَلبكَ لِتَصْنعَ لَكَ عُمُرًا جَدِيدًاً وحُلمًا كَبِيرًاً
***
عزالدين الهمامي
بوكريم – تونس

25/02/2025 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق