الجمعة، 15 أغسطس 2025

نص نثري تحت عنوان{{الصيد يبدأ}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


المجهول الحاكم 1
"الصيد يبدأ"

في ليلةٍ عضَّها القمرُ حتى نزفتْ نجوماً سوداء،
اختفى طفلٌ من غرفته البيضاء،
تاركاً على الجدار عيناً مرسومةً بالدَّم...
عينٌ تحدِّق في كلِّ اتجاهٍ ولا اتجاه.

في تلك الليلة عينها،
استيقظ سبعةٌ وأربعون إنساناً من أقاصي الأرض
يصرخون كلمةً لا تنتمي لأيِّ لغة:
"زيلاخووم"
كلمةٌ تَقْطُر من أفواههم مثلَ عسلٍ أسود،
مثلَ دعاءٍ للشيطان.

كاميرات المدن الساهرة التقطتْ أشباحاً تمشي بخطواتٍ متطابقة:
أربع عشرةَ خطوة... ثم توقُّف،
فالتفاتةٌ يسارٌ بابتساماتٍ فارغة...
وجوههم شاشاتٌ مطفأة،
وعيونهم قطراتُ حبرٍ في كؤوسٍ من حليب.

امرأةٌ في الطابق السابع
وجدتْ على مرآةِ حمامها رسالةً بخطِّ يدها:
"إنه يراقبكِ منذ أن كنتِ نُطفةً في رحم أمكِ،
يَعُدُّ أنفاسكِ واحدةً... واحدة،
والآن اكتمل العدد..."

الهواتف ترنُّ في البيوت النائمة،
يرفع أصحابها السماعة:
تك... تك... تك
نبضاتُ قلبٍ متسارع...
وصوتُ مطرقةٍ على نعش.

الأطفال في روضات المدينة يرسمون الوجهَ نفسه بلا ملامح:
عينان سوداوان، عميقتان مثلَ آبار...
وابتسامةٌ تشقُّ الوجهَ من أذنٍ إلى أذن.
تسأل المعلمات:
"من علَّمكم رسم هذا الوجه؟"
فيجيب الأطفال بصوتٍ واحد:
"الرجلُ الذي يقف خلفكِ الآن..."

الكلاب والقطط في الشوارع
تحدِّق في الفراغ...
تَمْوء وتعوي،
وتنبح نحو شيءٍ لا تراه...
أو نراه نحن ولا نريد أن نعترف.

✍️ محمد الحسيني – لبنان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق