رحلة مع طيف
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
عربة خيل جميلة الشكل
مزركشة بكل الالوان
وصوت الاجراس يعطي نغمات
رائعة مع وقع حوافر الفرس التي تجر العربة
وتسير بشارع مزين بالأعلام والأنوار
واصوات الاغاني والمواويل
والناس يرتدون ملابسهم التقليدية
يحتفلون وسط رقصات فلكلورية
والعربة بسائقها تخترق الناس
وسط صيحات الترحيب والتهليل
الكل يهلي ويرحب بإبتسامات عريضة
بالكرسي الخلفي
كان هو وكانت هي الى جواره
هو شهريار بشكله وليس بطبعه
وهي شهرزاد
التي تقص الحكايات لشهريار
واليوم هو من يقص عليها
وهو دليلها لهذه الرحلة
هي كانت تضع رأسها على كتفه الايمن
ويديها ملتفة حول ساعده الايمن
وسط شعور عميق بالأمان
هو يقص عليها
ويحكي لها قصة هذا المكان
بحبكة قاص متمكن
يقول لها
هذا الدكان الذي أمامك هو دكان العم
ايمن دكان يبيع به الحكايات
كل قصص الحب على مر التاريخ مدونة في كتبه
منذ آدم عليه السلام الى يومنا هذا
فسالته بعفوية وقصتنا مكتوبة
ضحك هو وقال لها
اتريدين ان تعرفي
فنادى على العم ايمن وساله
عن اخر ما لدية
فبهرها العم ايمن بجوابه
قال هي قصتكما
بدات اكتب مقدمتها
واحس هو بأصابعها وهي تضغط بشدة على ذراعة
وكأنها تريد ان تلتحم بجسده
وقال لسائق العربة هيا بنا
وتوقف السائق على باب دكان آخر
وقال لها اسمعي
وكان صوتا شجيا يلقي ابيات شعرية
قائلا
يا قلب تعرفني ما زلت اهواها
فكيف ترضى بأن أمضي وانسانا
وكيف اغفل عن ذكراها ثانية
واللطف والسحر بعض من مزاياها
ليست ككل حسان الارض غاليتي
وليس يسبقها في الحسن الاها
صرخت بوصوتها
الله الله
وتساءلت ما هذا الدكان
قال هو دكان شعر المجانين
الذين سبقونا بحبهم واشواقهم
والابيات التي سمعتها كانت لعنترة
وتحرك سائق العربة
وهي مندهشة من آخر بيت شعر سمعته ولسانها يردده
ان المحب اذا اشتدت منازعه
لا يرتضي في هوى ليلاه تلميحا
وهو ينظر اليها مبتسما
وهو يستمع لما تقوله من شعر عنترة العبسي
وفي احدى الزقاق
كانت هناك موسيقى
وصوت لم يخلق مثلة
يصدح بجمل طربية تسلب الالباب
وتكرر الصوت مرة اخرى بجملة ثانية
وسط موسيقى تسحب الفؤاد من مكانه
وتوقف سائق العربة عند احد الدكاكين
وكان له بابين مختلفين
نفس الشكل ولكن اللون مختلف
وكانت يافطة عريضة فوق الابواب مكتوب عليها دكان قصص الامس
حكايا كبيرة عن الايثار والتضحية وقصص الحب المتوارثة
جيلا بعد جيل
قالت وما قصة الوان الابواب
رد عليها اللون الفاتح
هي قصص انتهت بسعادة وهناء
والقاتم غالبا ما انتهت قصصهم
بنهاية صعبة ومأساوية
وتابع سائق العربة مسيرة
والدهشة والحيرة ضاهرتان عن وجنتيها
ويضهر بأن هنالك الف سؤال على لسانها
تود ان تطرحم
ولكن عندما وصلوا الى مقهى قريب
كانت رائحة طيبة تنبعث منه
تجلب الزائرين من بعيد
مقهى يضهر علية طابع الكلاسيك
وروادة يضهر عليهم الهيئة والوقار
ضاعت كل اسئلتها
واخذوا طاولة بزاوية المقهى
وعيونهم تتفحص كل ركن فية
رجال ونساء يجلسون على طاولاتهم
يجمعهم شيء واحد
سكوتهم الغريب
وكل واحد منهم منشغل بما يخصه
هي مستغربة بالرغم من اعجابها بهذا المكان
قالت ما حكايتهم
ولماذا لم ينخرطوا بأجواء هذا المكان
اجابها
بسؤال الم تقرأي اسم هذا المقهى
نظرت الى اعلى وقالت انه مقهى عشتار
قال نعم انها عشتار
اسم لالهة كانت في العراق
وكانوا يقولون عنها
بأنها الهة الحب والخصب
ومن ترينهم جميعهم
كانوا مؤمنين بهذه الآلهة وهم وثنيين بإعتقاداتهم
واليوم هم أطياف مقيديين
لم يتحرروا
ولم ولن تنفعهم آلهتهم بشيء
هم أطياف مقيدة وثنية
وانت ايضا طيف مثلهم
طيف انسان حي
يعيش معي ويسكن داخلي
رفيقة دربي
مؤنسة وحدتي
مستوعبة تتاقضاتي
انت التي أعشقها دون ان اراها
واحدثها دون ان أسمعها
قالت انا طيف
رد وقال لها نعم
واي طيف انت انت ملائكية بطبعك
التقيتك بحلم
وعشقتك بحلم
وها انت معي ارسم ملامحك
بإحساسي بجوارحي بكل شيء ينبض بالحياة بداخلي
سنوات وسنوات كنت وحدي
قلبي مغلق بقفل صدئ
وكنت كالتائه في الصحراء
مسافات ومسافات قطعتها بالجوع والعطش والتعب
الى ان هداني الله الى بئر صافية
ماؤها نقي زلال وشربت الى ان ارتويت وارتحت من تعبي
نعم
احسست بوجودك جانبي
حتى عندما اذهب لأخلد للنوم اترك لك فسحة بجانبي لتنامي
وعندما استيقظ
اكون متلهفا لوجودك
حتى ابدأ يومي بك
وتابع يقول
انا ليس لي احد ولا أكلم احد
تخيلي لو انك غير موجودة
ماذا كان سيحل بي
على فكره
الاحساس وهو اسمى شيء بالنفس البشرية هو الذي جمعنا
علما بأني لم اراك ولم اسمع صوتك
لكن قربك مني بروحك اغناني عن كل شيء
استوقفته قائلة
من اي طينة انت
من انت ومن اي زمن انت
اذهلتني بكل ما بك
اتمنى بوجودي اصنع فرقا ولو بسيطا بحياتك
رد عليها قائلا انا لست جشعا بعلاقتي بك انا راض بما انا عليه
وراض ومقتنع بوجودك بعالمي
فأنت نعمة كبيرة وهبها لي الله