الأربعاء، 23 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{خيانةٌ على طاولةِ المجد}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


الفايكنغ بصيغةٍ أُخرى 2
"خيانةٌ على طاولةِ المجد"

في الشَّمالِ البعيدِ،
كانَ الفايكنغُ يُقيمونَ مآدِبَ النَّصر،
فماتَ زعيمُهُمُ المُسالِمُ
بَعدَ أن باعَ المَرفأَ بخاتَمٍ ذهبيّ،
وكتبَ المؤرِّخُ:
"سلَّمَ المجدَ... مُقابلَ وجبةٍ دافئةٍ."

وفي ليلٍ عربيٍّ،
نامَتْ عائلةٌ على بُشرى "تحرير"،
واستيقظَتْ على "هُدنةٍ مُشرِّفة"،
بكى الجَدُّ في المَطبخ،
وأخفى الطِّفلُ العَلمَ تحتَ الوِسادة،
كي لا يُعتقَلَ الحُلم.

في أرضِ الجَليدِ،
دفعتْ قريةٌ الجزيةَ
لقراصنةٍ صغارٍ
جاءوا على قواربِ القَصص،
قالوا: "سنَحميكم من التِّنِّين!"
ثمّ اكتشفوا…
أنَّ التِّنِّينَ كانَ حِبرًا مِن حِيَلِهِم،
وكأنَّ الكُتُبَ احترقَتْ
بعدَ فَواتِ الخَسارة.

قالوا للعَرَبِ:
ادفَعوا لنا… نَحْميكم!
مِن عَدُوٍّ نحنُ صَنَعناه،
زَرَعوا الميليشيا،
وأداروا الحُروبَ عن بُعدٍ،
كاللَّعبِ على رُقعةِ شطرنجٍ مقلوبة،
وباعونا أسلحةً بحجمِ وطن،
ثمّ قالوا: "هذه ضَمانةُ سَلام."

على ساحلٍ مَهجور،
وُجِدَ قبرُ حارسِ كَنزٍ فايكنغيّ،
فيهِ ورقةٌ مُتفحِّمَةٌ تقول:
"أخذوا كلَّ شيء… حتّى اسمَنا."

وقالوا للعَرَبِ:
النَّفطُ للأمان،
والذَّهبُ للاستِقرار،
سرقوا الغاز، وباعونا أنابيبَه،
ونهبوا التّراثَ،
ثمّ عَرضوهُ في متاحفَ الغَربِ
مُزيَّنًا بعبارةٍ:
"من حَضاراتِ ما قبلَ التَّاريخ."

نحنُ الأُمّةُ الّتي
تدفعُ الجِزيةَ بأسماءٍ جديدة،
وتَشتري سِلاحَ قاتِلِها،
وتَبني أعداءَها
كمَن يصنعُ الوحشَ
ثمّ يَرجوهُ ألّا يَفتَرسَه.
يَحرُسُنا المَعبدُ المَخلوع،
يُقسِمُ على المُصحفِ،
وهُوَ يَبيعُهُ قِطعةً... قِطعة.

فليُعلِنِ المؤرِّخونَ:
لقد خَسرْنا مَعرَكَتَنا بلا بُندقيَّة،
خَسرناها على الأرائِك،
وبَعدَ نَشرةِ الأخبار،
وحينَ دَخَلْنا في نُكتةٍ طويلةٍ
عن نَشيدٍ وَطنيٍّ
لم يَعُد أحدٌ يحفَظُه.

✍️ محمد الحسيني – لبنان 

ليست هناك تعليقات: