لأبن حنيفة
تنسى و كأنك لم
تكن
كحلمٌ خفيف الوزن
في المنام
تنسى و كأنك لم تحضنهم
يوماً
و لم تعانق الشغف بعناق
الياسمين
تنسى كلحظة الحب العابر بأولى
البدايات
كنظرة العابرين تنسى
كغيمة الشتاء بسفر الريح
قبل المطر
كعشبٍ بين صخرتين تروق
لقطرة ماء
أو كقبرٍ لمسافر غريب بغابة
بعيدة مهجورة تنسى
كلحظة إشتياق بوجع الحنين
خلف الذكريات
تنسى ك سكرة مهزومٍ بوقت
الضياع بصحبة الگأس
الحار
كحلم المهاجر في برودة
المنفى
كشاعرٍ يهزي بالكتابة منتفض
الشعور
من ضجر الوحي المكسور
و تنسى .....
فأنا العائد من النسيان
إلى النسيان
فمازلت أرشفُ من جسدي
لعنة الغياب
و أبكي مع الحجر الحزين
ربما أتحايل على لغة الحوار
في الندم و أنسى ......
تنسى و كأنك لم تكن يوماً
صديق الدمع البعيد
يوما بكيت بفراقهم وجعاً و حساً
بالوداع
فلا ذكرى ستبقى على جدار
الإنكسار
و لا من أثر العاطفة سيبقى
يشرق من بعد الرحيل
فالغياب ملك الأخرين لوحدهم
بحلم الراحلين
و نحن لنا وجع الحياة بحصتنا
الكبرى
و هزيمة الروح المعذبة بالألم
الكبير
تنسى كورقة الخريف الساقطة
من الشجر الخاسر
سيتلو عليك البرق أناشيده
بصراخ العبث
فالطريق هو طريق الخاسرين
بشكل الضحية
أنا الضحية بل وحدي الضحية
في مذبحة الذابحين
فأنا البريء المجرم بصدى
الأشياء
فلا أمان لنعشي بجوار هذا
الفراغ
فأشكو من كفر الزمانِ و من
رهبة المكان
و لا أحمل معي إلا صور السنين
بكفن الأيام
فيا أيها الفجر البعيد البعيد
قل لي
ما هو الطريقة للنجاة كي
أراك
و كيف سأحيا بدون السقوط
في الهلاك
فالسقوط هو من حظنا العاثر
السخيف
نريد كما الآخرين أن نتنفس
قليلاً من الهواء النقي
لننجو
عندما نصحو من صبحنا
التاه
عائدين من الأحلام الموجعة
في العدم
فالقيامة هي ساعة واحدة
للسقوط
كن كبيراً معنا يا أيها الفجر
اللعين
فإننا مازلنا نشحذ من السماء
صورة الحياة و ننتظرك
عند حافة الضجر
فجرى ما جرى و كان ما يجب
أن لا يكون
قد سقط القناع متأخراً من
الكافرين
و كان الطعن أكثر ظهوراً بعد فوات
الآوان
كنا غافلين بصحبة الغراب الأسود
فأرهقتنا الخاتمة
الساحقة
كنا منسجمين مع الملائكة بطفولتنا
البريئة
و كنا نلعبُ معاً لعبة الملاكان
دون أن نفكر في الغد
المجهول
و الآن نحن منكسرين بالخيبة
و غرباء
تنسى و كأنك لم تكن
خبراً و لا شخصاً له من الذكريات
ما يكسره وجعاً
تنسى كقصيدةٍ كتبتْ بظل
الليل الكئيب
دون ذكر أسم الشاعر
بأخرها
و ينسى تاريخ ولادتك بزمن
اللقاء الأول و حنين الأمس و
تنسى
بكامل حروف أسمك الحجري
و شكلك المشبع
بالرطوبة و كل محتوياك و كل
تفاصيلك
فالحلم لم يعد هو حلمك
أنت فإبكي لوحدك
و الحب لم يعد يحملك كعاطفة
العاشقين لتموت غراما
فلم يعد قسمتك من النصيب
إلا هذا المر
فليس لوجهك ها هنا
معنى
فإنطلق لما لك من السراب
و إشهق
كي ترضى بحلمك المعثر
هناك
فتشعر برقصة الفراشة عند
نافذة الصباح
و أنت تشرب فنجان قهوتك
بهدوء الروح بصحبة
القلب
فهناك أرواحٌ سبقت بخطاها
خطاي
و لم تعد تبصرها في المدى
رؤاي
هناك من كانت شاهدة على
الرواية كلها و غضت
النظر
و تلاشت من زمنك كما الريح
يتلاش في المدى
بالأثر القاتل فوق وجه
الماء
تنسى كدهشة المقتول بوقت
الدفن قبل الصلاة
و تنسى كما كل الراحلين
القدامى
الذين لم يتذكروا ماضيك
و لا قبلة الزفاف بوقت
الإنفجار
كما ذهبت للبعيد بحلمك
عدتَ بخيبة الأمل
وحدك ستحمل من الزمان مره
و كفره المتسلط
وحدك ترى كل الكواكب البعيدة
و كل شيء في الأفق
لكنك ستبقى بين المحاصرين
بزنزانة الكفر و لن تُرى
فلا تحاصر نفسك عبثاً و
تهين مزاجك الغاضب
وحدك ستكون سيد العرش
في الهوامش و تنسى
فأمضي إلى معجزة النسيان
يا أنايا
ماذا تنتظر هناك
هل تريد قدوم السراب من
جديد
عد إلى رشدك يا أيها المقتول
إلى جنونك في الوجع
إسكن مع ضحاياك من السنين
العمر بوجه المرايا
كن مختلف كما تريد عن الأخرين
كن شجراً
أو حجراً
كن مطراً مشبعٌ بالخصوبة مع
الغيوم
أو كن قدراً بوجهٍ آخر
فينا
كن قمراً بليل المؤرخ و أضأ
نفق الكتابة بإحتراق
الحرف
كن حرفاً يسطر للملائكة قصائد
الحرمان
فلا أحدٌ ينتظر عودتك من كل
الألمِ و الغياب
لا أحد يعانق ظلك الطويل على
طريق السفر
فليس هناك من أحد
ليدقق إلى شكلك المعج بالأرق
و التعب
و لا أحدٌ سيقرأ من تفاصيل ذاكرتك
الجريحة ليبكي
لا أحد يريد أن يكون وطنك
المطبطب
لتستكن من وجع الغربة و الحياة
و تستريح
لا أحد
فلا أحد
الله أحد و الله الصمد الله
قبلةُ كل أحد ......
فكل شيءٍ يمضي بمر
الوقت
فإكتب في القصيدة ما شئتْ
يا شبحي
أو بما فكرتْ او تخليتَ من
صور
فالوحي ملك المنكسرين المحبطين
بوقت الكتابة
و إن ذهبت إلى حلمك لتحيا
مع الكلمات
و عدت من الغد المكسور خاسراً
مضرجاً
باليأس الهابط الشحيب فلا
تبكي
كن كما أنت في الغياب منسيٌ
و حرٌ
بوحدتك المتناثرة على أطراف
اللحد
بحدس الوحدة القاتلة
هناك
كن لوحدك و أعشق وحدك
و حبْ وحدك
و عيش كلون الطيور لوحدك
كي تعلم من تكون
حلق بحلمك الخاسر نحو البعيد
البعيد
كن كالصليب الواقف على عرش
الآلهة و عاتب بلغتك
الفريدة
فمهما كان المشهد براقاً و حاسماً
هنا بدنياك و تنسى
فإصنع لنفسك طريق الهزيمة
برؤاك
فأنت حرٌ و ساطعٌ بخيالك
البعيد
قد إنتظرت من إنتظرت فمن
إنتظرته كان من الوهم
الكثيف
لقد مللت من التخيل بأني
مازلت حي
كن يا أنا بأول السطر و
بآخره
و إملك ما يحييك من الكلمات
كي
تجد من الحنين ما يعيدك
ثانيةً
عد إليَ سالماً و معافاً من
الخيبة
قبل أن تنسى من ذاكرة القصيدة
الطويلة
فتكون خاسراً لوحدك هناك
و ابتعد عن ذاتك كما
كنت
فأنت لم تكن منذ البداية
بقلب الراحلين فلما تبكي
حزناً
فكن منسياً من تاريخ الراحلين
الصاغرين بإنكسارك
بولادة قصيدتك القاسية الحزينة
قاوم الغضب و كن حياً
و شامخاً مثل جبال الثلج الباردة
البعيدة
كن قوي مثل السحاب كالضباب
بأجنحة الريح
لتملك معنى الوجود على عرش
الكلام
فالكلام كلام بقافية الحياة
الأبدية
تنسى و كأنك لم تكن يوماً
في الدنيا
حزيناً
و جريحاً
و خائباً
من رفقة عمرٍ بأكمله معهم
هناك
و كأنك لم تحضنهم بحرارة
الحب الصادق الشفاف
و كأنك لم ترسم فوق نهدهم
لوحة التعلق
و لا كأنك قبلتَ أصابعهم بآخر
الليل واحدة واحدة
و لا قضيت معهم ألف عمرٍ
و عمر
يا أيها العمر المشلول ماذا فعلت
بحالك لتموت
قد ضاع كل شيء و مات
و تحول كل شيء
للرماد
فالموت هو الموت
فنحن و الموت توأمان من
أبٍ حاقد
لا و لم و لن نلتقي معاً نحن
و الموت
فالموت هو يكون فلا
نكون
و إن حضر بغفلة الروح
و كان .......
غبنا نحن بالغياب و يكون هو
الباقي القاتلُ البريء
فلا شيء يجمعنا مع الموت
إلا ....... ؟
ذاك التناقض الذي يصدع بالخبر
عند الوفاة
بين خصمين قديمين حائرين
غائبين في الحضور
يتعاركان كل واحدٍ على حصته
بجسد الآخر
و و و و و و إلى أخرهِ
ماذا فعلنا لنُذبح كالشاة
العرجاء
ماذا فعلنا كي لا نربح و لو بجزء
صغير من بقايانا
هناك صداع في رأسي
يثور
لقد نسيت أن أكمل البقية
لكم
ماذا فعلت يا أيها العمر
فالخيانة الكبرى بحقك
هو
أن تكون منسياً من لائحة الأحياء
و أنت حيٌ ترزق
و بكامل قواك العقلية و الجسدية
لكنك ستبقى تنسى و تنسى
كريشةٍ تسقط من دجاجةٍ
و هي
تفتش بين القش عن طعامها
بوقت الصباح
فألتمس عذراً من الخلل الموجود
بذاكرتي
فالنسيان قد أصبح قدراً محتوم
بعمر الغريب المهاجر
بين جدران الكآبة و قباحة
المنفى المصتنع
فإن فاجعة الكون الكبرى
إنها
لا ترى قافيتي من نور
النبوءة ........
فماذا تسمى جنازة الشهيد
برصاصة فاسدة
حقيرة
ليتني تعلمت من اليقين
صدمة الأحرار منذ
البداية
لكنت نبي الله
بزمن الفراشات حينما تنزل
الملائكة نوراً
بموسم الولادة البريئة
أبن حنيفة
مصطفى محمد كبار
حلب سوريا ٢٠٢٤/٥/٥