"الوتين"
في خَفْقَةٍ واحدةٍ
يَخْتَصِرُ القلبُ رِحلَتَهُ من البَدءِ إلى الوعي،
كأنَّ الوجودَ نَفَسٌ طويلٌ
حَبَسَهُ اللهُ بينَ ضُلوعِ الإنسانِ
كَي يَتَذَكَّرَ أنَّهُ حيٌّ.
الوتينُ...
لَيسَ عِرْقًا فحسْب،
بَلْ ذاكرةُ النورِ حينَ مَرَّتْ خِفيَةً فينا،
وخَلَّفَتْ أَثَرَها في النَّبْضِ
لِئلّا نَنْسَى الطريقَ إلى الأصلِ.
في كُلِّ نَبْضَةٍ سُؤالٌ،
وفي كُلِّ صَمْتٍ جَوابٌ يَخافُ الإفصاح،
كأنَّ الحياةَ لا تَقولُنا،
بَل تُلَمِّحُ إلينا،
ثُمَّ تَمْضي دونَ اعتذارٍ.
نَعيشُ
وكأنَّنا نُحاوِلُ إصلاحَ الخَطَأِ الأوَّل،
نُرَمِّمُ هَشاشتَنا بالمعنى،
ونَغْسِلُ وُجوهَنا بالخَيْبَة،
لِنَرَى في الماءِ ملامِحَ الحقيقةِ الضّائعة.
الوتينُ...
هو الحَبْلُ الأخيرُ الذي يَربِطُ الرُّوحَ بالعقل،
فإذا ارْتَجَفَ،
ارْتَجَفَ الوعيُ بما لا يُقال،
وتَذَكَّرَ الجسدُ أنَّهُ لَيْسَ أكثرَ من وِعاءٍ لِلْحَيْرَة.
كُلُّ نَبْضَةٍ شَهادةُ مِيلادٍ مُؤقّتة،
وكُلُّ سُكونٍ إيماءةٌ من الغياب،
نَنْبِضُ لأنَّنا لا نَعرِفُ غيرَ المُحاوَلَة،
ونَصْمِتْ لأنَّ اللُّغَةَ خائِفَةٌ من الانكشاف.
وفي آخِرِ الوتين،
حينَ لا نَبْضَ ولا سُكون،
يَبْقَى شَيءٌ لا يُسَمّى،
يُطِلُّ من عَتْمَةِ الفِكر،
ويَبْتَسِمُ...
كأنَّهُ الفِكْرَةُ التي نَسِيَتْ أنْ تَوْلَدَ..
بقلم دنيا محمد.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق