الأربعاء، 29 أبريل 2020

قصيدة نثرية بعنوان{{ أَسْفَارُ كُرُونًا }} بقلم الشاعر المغربي القدير الأستاذ {{العلمي الدريوش}}

.....         مَلْحَمَةُ الزَّمنِ الأَخِيرِ
                    ( أَسْفَارُ كُرُونًا)

   - 5 -  فِي هَذَا الْحَجْرِ

فِي هَذَا الْحَجْرِ الصَّامِتِ كَظِلِّي
يَنْهَشُ الْجِدَارُ الحَقِيرُ حِلْمِي وحُلْمِيِ 
يَقْذِفُنِي 
لِأَتْفَهِ لَيْلٍ لِيَسْخَرَ مِنِّي..
كَأَنَّ الْزَّمَانَ دَائِرَةٌ عَلَيَّ مُطْبَقَة؛
تَحُفُّنِي بِالمُعَادِ وَبِالُمُعَادِ 
وَتَرْسُمُني بِالرَّمَادِ وَبِالرّمَادِ 
عُزْلَةً غَاصِبَةً وَمُطْلَقَة.
فِي هَذَا الْحَجْرِ الصَّادِمِ لِلْحَياةِ كََطَعْنَةِ نَصلِ 
لَا قُبْلَةَ فِي صَبَاحٍ يُطِلُّ أَوْ مَسَاءٍ يُوَلِّي،
لَا بَسْمَةَ وَرْدَةٍ تَرَاهَا وَلَا قَطْرَةَ طَلِّ.. 
فِي هَذَا الْحَجْرِ الْمَلْقِيِّ كَيُوسُفَ 
فِي غَيَاهِبِ جُبِّ
لَا سَمَاءَ لِي.. 
كُلُّ مَا فَوْقَكَ يَا رَأْسِيَ الْمُغْرَمُ بِالنُّجُومِ 
سَقْفٌ مِنَ الْحَدِيدِ وَالْإِسْمَنْتِ الْبَلِيدِ..
فَوْقَكَ سِنْدَانٌ وَمِطْرَقَةْ..
وَأَنْتَ تَحْتَهُمَا
مُكَبَّلٌ بِالتَّشَابُهِ والوُجُومِ. 
اَلْآنَ عَرَفْتَ بِالْخَفَاءِ وَالتَّجَلِّي
 أَنَّ مَنْ لَا سَمَاءَ لَهُ
 لَا نَهَارَ وَلَا لَيْلَ وَلَا حْلْمَ لَهُ، 
وَأَنَّ الْأَرْضَ بِلَا سَمَاءٍ زِنْزَانَةٌ مُغْلَقَة.

أَعْطِنِي سَمَاءً كَيْ أَكُون.. 
أَعِيدِي إِلَيَّ سَمَائِي 
بِالْأَزْرَقِ الْمُطَرَّزِ بِالْغُيُومِ 
لِتَمْرَحَ فَي الْبَهَاءِ الْبَعِيدِ الْعُيُون.

هِيَ الْأَرْضُ الْحَزِينَةُ مِثْلِي
 عَمْيَاءُ مِنْ غَيْرِ سَمَاءِ
وَإِنْ أَمْسَكَ فِيهَا نَهَارٌ بِلَيْلِ..
فَلِمَاذَا تَزْرَعُونَ الْمَوْتَ فِي السَّمَاءِ
وَتَرجُونَ فِي الْأَرْضِ شَهْدَ نَحلِ؟!

فَي هَذا الْحَجْرِ الْخائِفِ كَطِفٍْل يُصَلِّي  
صَوْتُ كُرونَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ يُدَوِّي:  
يَا أعدَاءَ الْحَيَاةِ ،وَالْأَرْضُ تَشْهَقُ فِي الدِّمَاءِ،  
يَا أَحْفَادَ قَابِيلَ لَمْ تَفْقَهُوا مِنْ غُرابٍ،
أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ لِلْحَيَاةِ قَبْلِي، 
مَهْمَا تَهُزُّوا بِجِذعِ النَّجَاةِ
لَا فِرَارَ الْيَوْمَ مِنِّي..
أَتَيْتُ لآخُذَ لِلْأَبْرِيَاءِ بِثَأْرِي.

د. العلمي الدريوش 
16أبريل2020.

ليست هناك تعليقات: