الرسالة الأخيرة
الرسالة الأخيرة
" لم تقرأ " بعد ....
جاء في نَّصها ؛ وإلى الحبيبة ما يلي :
" موعد زفاف "
وِجدَت في " بزة شهيد "
توسد تربةٌ حمراء مرت عليها السنين
يعرش فوق مظاريفها
طينٌ آسنٌ ....
يتفجر كالريح النافج
ودمٌ يتسامى كحرارة الآجر
يفورُ من ركام البارود
ونيرانٌ سُجراء تطوف حرم الروح
كتفويج الشمس مواسم الحجيج
وقُبيل غرة يوم العيد
تتدلى قاب موتٍ أحرى !!!!
أو ...... نحرٌ أذكى !!!!
حتى أقترب الزوال جاهداً
يجهز نزولاً على عنق القلادة
فَذُبحت من رأسها نور الظفائر
وَ وِزعت أضاحيَّ على شفا شفرة
من سكين الشفق الكئيب
☆☆☆☆☆
وجلست تائهةٌ بلا رُشدٍ
حبيبة الصيف القديم
تترقب قدوم مليك الهوى
يأتي طائرٌ بريشٍ كالنسيم
ثم تغدو .... بعدما تعدو !!!!
فسرعان ما تأتي على دكة المبتغى
ترتمس سباحة الأفكار منوالها ....
تجأرُ الى السماوات ؛ تطلق الزفرات
تضع نظراتها على راحتيها ؛ وترجو
ثم تتّلو آية السراب من يأسٍ عتيد
تحرث البحر ؛ تزرعه آمالاً من جديد
فما تجني سوى رملاً عاقراً وملحٍ
تعود ؛ تنتظره كشجرة الصفصاف
عاجزة مغروسة في غير الموسم
بين حصى الفيافي وحيدة اليُّتمِ
وكان الميعاد عن حاجة اللقاء منفياً
إلى حيث يواريها الأنكسار
مهشمة من رأس الجنون
يتآكلها الصدى حتى نخاع الظل
يقتلها هجوم الوساوس
وتلويع الفراغ .....
تموت تحت وطأة التفكير
وترويع الصراخ .....
تحملها الحدباء على سرائر
متصعرة الحطام ؛ غريبة
☆☆☆☆☆
وامتطت بعول الأرض
خيول الحرب صاهلةً
تجتعب السِّنَانُ وتضرب رحم القنوء
تطرب الموت أغنية مودعٍ
أن لارجعة فيها أو هواداً
تأخذهم من عرين فتياتهم
تمخض الشبان نحو المجهول
يُساقون أفواجاً مخافيراً
كالأسرى في دهاليز الخنادق
يزجون بهم حطباً
لتنور الحرب ووقوداً
وحصادٌ تعصر من ارواحهم
والتوابيت ترسانة ثلج صلد
منتشرة على خريف الأقاحي الصفراء
بلا مشاعر ؛ يملأونها بالأجساد
والجثامين كأنها ...... أكواز نبيذٍ مصفوفة
ورؤوسٌ جُثَّت ؛ ككؤوس من تَرِحٍ مقلوبة
ترتشف الحرب دمائهم بأفواهٍ فولاذية
لا تهتدي من خوفٍ ولا ترعوي
لم تَّعيِ فقه التشبع من رضاع
وبطون بشعور " كاليوفوريا "
يتذوقونهم بطعم مزاجه متاع
☆☆☆☆☆
أعلان عن وقفة حداد
وصفارة الإنذار تهز أرجاء المكان
تُطعِنْ جدلاً بالأنواء والزمان
لم أقفها على الطرقات وحدي ...
كانت معي ساقاي ...!!!!
يجران أشلاء العودة بالهوان يرتجفان
وقفة حداد ؛ بين الموت والحياة
وجاءها من أقصى الحرب رسولاً
يحمل اخبارٌ عنه وعناوين فقيدة
من يضع على دفاتر الذمة تواقيعه
يفتح المظروف بكَّفَيّ منجلٍ
ويقرأ المكتوب بوجهٍ كريم العين
يتنبئ .... يفك خوارزمية الرسالة يُقرِاُُنَّا
ويقول .... هناك أنباءٌ عن مقبرةٍ موحشة
وقرصُ تعريفٍ مُتشظي من غير سلسلة
يحمل معلومات عن شخصية
وأحلامٌ على أعقاب البنادق معلقة
مصلوب تحوم على رأسه جلجلة
كليالٍ بالحزن عُظميَّات
بالحداد والسواد مقرفات
تلك الليالي لم تكن يوماً مضيئة
فأذا الأحبةِ ندامى على كأسٍ
شرابها مُسكرٍ من وطفاء
طغت على شفيرها مغرورقة
والدموع يشتعل فتيلها بالغليان
☆☆☆☆☆
ويأتي المساء العاري من ....
جبين الخجل
يغتَصبُ الاحلام من ....
صندوق ذاكرتي
وعن سماءٍ تغثو وشيجتها
بلغ أنفها صنان الأرض
من يعالج بعد التشخيص جسوماً
موثقة العينين ؛ مُكبلة الأطراف
ألقى بها الردى من ألف صولة وصولة
على بساتين مزروعة الألغام
يسقي الرصاص حقولها
فسالت دماءً من قفا الجماجم
وجحافلٌ خارج حدود المقبرة المقدسة
أصاب دمنتها بهجة الذفر
حتى استرحمت واستغفرت
ديدان الأرض عن أكل رفاتها
والدَّيْدَبُ استنكرت ؛ وكفت
إكراء الأجر عن حملها
فكان جميلٌ منها ماأعذرت
والديدبان وما حرست .
قيس كريم
جمهورية العراق
١٤/١١/٢٠٢٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق