الأربعاء، 6 أغسطس 2025

نص نثري تحت عنوان{{المكيدة الأخيرة}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


حوار مع الظلّ المفقود (4)
"المكيدة الأخيرة"

يتحوّل الأصلُ كما تفعل الحرباء،
ينزع عن وجهه الغضب،
ليُلبسه ملمس الحنان.
يعرف أن القوّة خذلته...
قد أنجبت له
آلافَ الظلال
من ظلٍّ واحد.

يتذكّر ما قاله أجداده:
"إذا لم تُفلِت الغُصنَ بالقوّة، فحاصره بالحيلة."
فيقرّر أن يلعب لعبته الأخيرة،
أدهى من كل سابق،
ويستخدمُ أقدس ما في الوجود:
براءة الطفولة.
ويعلم أن للظل قلبًا...

يأتي بطفل،
هو البراءة حين تمشي،
والقمرُ حين يُولد من جديد،
في أوّل نجمةٍ تُنير الحافة بين مساءٍ وليل.

تتقدّم البراءة نحو الظل،
بظلٌّ يلعب مع ظلّ،
يدوران كفراشتين في الريح،
يتناغيان كسطرين يخرجان من عودٍ واحد،
واحد من عطر،
والآخر من رجع السؤال.

الأصلُ ينتظر،
لا كصيّادٍ بل كمن نصب للقلب كمينًا،
يتربّص خلف الشِباك،
ويمدُّ نهرًا من الإسمنت الرمادي،
يريد للظلّ أن يُحبس،
أن يصير تمثالًا،
أثرًا لا يتنفّس.

الظلُّ يقفز،
شاردًا كغزال جفلتْه الرعشة،
يُراوغ، يتفلّت...
لكن ظلّ الطفل
ينغلق عليه الفخ،
يُصبح وردةً نائمة في جليد،
أغنيةً مكسورة الحلق،
حلمًا يبرد في الإسمنت.

يبكي الطفل،
فتتشرّب الأرضُ دمعه،
ليعود الفارس_الظل ...
ليس من دخان، بل من حنان،
من قلبٍ يُشبه الحبّ حين يضحّي بنفسه.

يضحك الأصل،
ضحكةً لا تفرح،
ضحكة الذئب وقد ابتلع حلم الحمل،
ضحكة الليل حين يبتلع النهار.

✍️ محمد الحسيني – لبنان 

ليست هناك تعليقات: