الأربعاء، 26 نوفمبر 2025

قصة تحت عنوان{{صَلْعَة قبل الوَقْعَة}} بقلم الكاتب القاصّ اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


عمو حسن عارف كل حاجة 4
"صَلْعَة قبل الوَقْعَة"

(خماسية شعرية عن حارة بتحكي وحلّاق بيسمع)

بعد العصر بشوية،
تدخل ست كبيرة في السن بقوّة،
تجرّ وراها جوزها من ودانه!
"عمو حسن!
الراجل ده قالي إن شعره وحش وعايز يحلقه أصلع خالص!
قولت له: إنت عندك 65 سنة مش 25!
قالي: أنا حر!"

الراجل – عم عبده – يحاول يتكلم:
"يا سِتّي… أنا عايز أجدّد نفسي شوية…"
"تجدّد نفسك؟!
إنت هتبقى زي بيضة مسلوقة!
عمو حسن… قوله!"

عمو حسن يضحك:
"تعالى يا عم عبده… اقعد."
يقعد عم عبده، والست واقفة جنبه زي الحارس.
يبدأ عمو حسن يقصّ ويقول:
"طيب… ممكن أسأل سؤال؟
ليه عايز تحلق شعرك أصلع بالظبط؟"

عم عبده يهمس محرجًا:
"عشان… عشان شفت واحد عَ التيك توك حلق دماغه وبقى شكله شيك."
الست تنفجر ضحكًا:
"تيك توك؟! يا نَهَار إسود!
إنت بقيت بتتفرّج عَ التيك توك دلوقتي؟!"

عمو حسن يضحك معاها:
"يا عم عبده… الراجل ده اللي على التيك توك عنده 20 سنة.
حضرتك عندك  65… الفرق كبير!
تعرف إيه؟
أنا هقولك حكمة جدي الله يرحمه :
«اللي يُقلِّد غيره… يبقى زي القِرْد لابس بَدْلة؛ لابس… بس حاجة مش مناسبة!»
حضرتك وسيم بشعرك ده.
ليه تبقى نسخة رخيصة من حد تاني؟"

الست تصفق:
"برافو عليك يا عمو حسن!"
عم عبده يضحك غصب عنه:
"ماشي… ماشي… قصة عادية يا عمو."
تخرج الست ماسكة إيد جوزها،
وهي بتقول:
"مرّة تانية تقولّي تيك توك… هكسّر الموبايل ع دماغك!"

عمو حسن يضحك وهو بينضّف المكان.

         

بعد ما يهدأ الضحك،
يدخل شاب نحيف،
عيناه مُحمَرّتان.
يقعد بصمت.
عمو حسن ينتظر…
يعرف إن الصمت ده مش عادي.

"عمو حسن…"
الشاب يبتلع ريقه.
"أنا عملت حاجة وحشة جدًّا."

الحلّاق ما يتوقفش عن القص:
"كلنا بنعمل حاجات وحشة يا ابني."
"لا…
أنا سرقت فلوس الجمعية من بيت عمتي زينب.
والبنت بتاعتها اتطلقت بسببي…
وأنا ساكت من سنتين."

المقص يتوقف في الهوا.
عمو حسن ياخد نفسًا عميقًا،
يفكر شوية…
ثم يبتسم ابتسامة حزينة:

"تعرف…
أنا كان عندي حمار زمان.
والحمار ده وقع في حفرة عميقة.
حاولت أطلّعه… مطلعش.
قولت خلاص… هردم عليه الحفرة وأريّحه.
بدأت أرمي تراب…
لكن الحمار كل ما التراب ينزل عليه، كان يهِزّ ضهره ويطلع فوق التراب.
وفضل كده… لحد ما طلع من الحفرة بنفسه."

الشاب يبصّ له مش فاهم:
"يعني إيه؟"
"يعني…
الغَلْطة اللي عملتها… هي الحُفرة.
ممكن تفضل جوّاها وتستنى حد يردم عليك،
أو تستخدمها علشان تطلع فوق.
الاعتراف… والإصلاح…
دي الطريقة الوحيدة تطلع بيها من الحفرة."

يصمت الشاب.
وعمو حسن يقول بحنية:
"أنا مش هقولك تعمل إيه…
بس هسيبك تختار:
تفضل في الحفرة…
ولا تطلع منها وتمشي براحتك."

يمسح دموعه بمنشفة نظيفة،
يربّت على كتفه:
"يلا… الحلاقة ببلاش النهارده.
وخد وقتك… قرارك إنت."

✍️ محمد الحسيني — لبنان

 

ليست هناك تعليقات: