متى كبرتِ يا أمي؟
البارحة فقط كنتُ أراكِ فتاة في العشرين،
البارحة فقط كنتِ زاهية تتمايلين،
بالأمس كنتِ أراكِ أميرة على عرش السنين،
وبالأمس كنتِ مولعة بنفسكِ وبشبابكِ تفتخرين.
متى كبرتِ يا أمي؟؟
انهمكتِ في تربيتنا،
انشغلتِ في تعليمنا،
سهرتِ على راحتنا،
تعبتِ من أجلنا،
سعيتِ لإسعادنا،
فرحتِ لنجاحنا،
وانبهرتِ بنتائجنا.
في غمرة المسؤولية
أهملتِ بداخلك تلك الصبية،
أهملتِ تلك السيدة الصغيرة الفتية،
فقدتِ نضرتكِ وزحفت شعيرات بيضاء لرأسك،
ضحّيتِ بصحتك وبشبابك،
ضحّيتِ بوقتك وعمرك.
كم تفاجأتُ بكل ذاك التغيير في ملامحكِ يا أمي!
كم حزّ في نفسي أني لم أستطع إيقاف السنين!
كم أحسستُ بالعجز حين رأيتك تكبرين!
متى كبرتِ يا أمي؟
كيف مرّت الأعوام دون أن أشعر؟
كيف سرقتكِ المسؤوليات من نفسكِ وأنا لا أدري؟
كبرتِ يا أمي…
لكنّك كبرتِ في قلبي أيضًا،
وصرتِ أثمن،
وأغلى،
وأقرب من كل شيء.
كم أتمنى لو أستطيع أن أعيد لكِ بعض ما فقدتِ،
كم أتمنى لو أمسح التجاعيد التي لم تصنعها الأيام،
بل صنعها الحب والتضحية.
يا أمي…
إن كان الزمن قد أخذ من ملامحك،
فهو زاد في قدرك،
وإن كان الشيب قد غزا شعرك،
فهو لم يمسّ نقاء روحك.
سأظلّ أفتخر بك ما حييت،
وسأظلّ أدعو الله أن يطيل في عمرك،
لأن الحياة بدونك…
لا تُطاق،
ولا تُعاش،
ولا تُحسب حياة.
بقلمي:
ألفة ذكريات من تونس 🇹🇳
ابنة الزمن الجميل ❤

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق