الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019

قصيدة{{نصيحة إلى أحدهم }} بقلم الشاعر المصري القدير الاستاذ {{كريم خيري العجيمي}}

نصيحة إلى أحدهم..!!
-------------------------
ولأنك يا صديقي موجوع مثلي..
ولأنه في حياتك حتما من أصل الشكاية في عرف بوحك وعلم مدادك لغة الأنين..!!
ومنحك قاموس الدمع وأبجدية الشجون..!!
فسيأتي عليك زمان تعجز فيه عن الكتمان حتما..
لينهار آخر حصن من حصون الصمت..
وتتعرى دواخلك كأجساد الشجر في موسم الخريف تعصف بها الريح كيفما تشاء..
وتعرض عوراتها للعابرين على دروب التلصص واستراق النظر..
ولا تقوى على الصمود أكثر..
فتبوح..
وتدع السيل من بعد منع ينهمر..
وتروي آهاتك جفاف الورق وشقوق الصفحات..
ولأن البوح هو عبارة عن تعري كمن يلقي عن عاتقيه ثياب ثقيلة في يوم صائف..
وستعتقد أن البوح في حضرة أحدهم أخف وطأة من السكوت..
وللسكوت عن إفشاء الوجع يا عزيزي خير لك من سيل شكايتك الذي لايكف في حضرة من لا يعرف مدى وجعك وحجم معاناتك..
ستعتقد للحظة أنك تخفف عن كاهلك ما أثقلك..!!
والواقع ان ما تخففه يوما يثكلك..!!
ألا ترى أنك تخرج بالبوح من ملل تلقيه وجرة تسكبها..
إلى جعبة تملؤها عن آخرها بلون آخر مما يعتري النفس وبين الأنفاس يجمع..!!
ألا وهو الوجع..!!
ستخرج يا صديق من ضجر وملل كاد أن يقتلك..
لأنك مع الملل لديك كل الأسباب لتموت لأنك لا تحتمل أكثر..
إلى وجع يمنحك الحياة..
يمنحك سببا لتحصيل كل ما تستطيع إليه سبيلا منها..
ولأنك مثلي جلاد نفسك،فأنت تتخذ منه زادا لتعيش..
بينما غيرك منه يفر خشية الموت..
هذا لأنك في نظرهم من عالم لا إلى عالمهم ينتمي..
فنحن بنو البشر أقرب إلى الحزن منا إلى الفرح والسعادة..
ومع ذلك نترك ما نحن إليه أقرب..!!
وإلى البعيد نفر ونهرب..!!
نقتات أرغفة الأوجاع ونجرع بعدها كئوسا من علقم لتستمر المسيرة وتكتمل حلقات السلسلة..
فالبعض يعبئ يا عزيزي مالا..
والبعض يحصل ذهبا وورقا..
وثالث يشحذ همته لتحصيل السعادة المفقودة..
ورابع وخامس وسادس..إلخ..
ولكل وجهة هو موليها..
أما نحن..
فلقبلة الأوجاع نولي..
وكعبة الألم..!!
ألا ترى يا رفيق..
أن الصواعق لا تصيب إلا القمم..!!
ولأننا نبتغي المعالي..
ونسعى يا رفيق إلى التعالي..
وبلوغ ذروة الهرم..!!
فلابد وأن تلوذ إلى الوجع..
وأن تجرع كأس الندم..!!
ألا ترى..
أن أسوأ ما في هذه الحياة قهرا أن أكبلك جيدا..
وأقيد معصميك خلف ظهرك..
ثم أطلب منك أن تفك قيد أحدهم..
وأنت مقيد..
كذا هي تلك الكلمات الحبيسة في حلقك ربما من سنوات..
تطلب منها أن تفك قيدك..
وهي على ملة القيد ولدت..
لتبقى بين قضبان الضلوع تعاني..!!
وإن خرجت فعلى غير هدى..
ربما إلى البوار والخسران..!!
عجيب يا صديقي هذا الأمر حقا..
والأعجب منه أمر الزمان..!!
أن أرفعك إلى مرتبة القديسين..
وأبتني لك في خلاياي صومعة..
حولها أطوف..
وحينما يحين موعد الهلال..
تهدم على الرأس معبدي..
وتمزق تراتيلي..
وترميني بالكفران..!!
وتطفئ الشموع التي أحرقت كفي لتضئ دجاك..!!
وأنا من جهل أتهم نفسي أني..
أني..
أنا من أطفأها..
وأنت حاشاك أن تفعلها في الهوى حاشاك..!!
والله يا هذا المسافر في دمي..
قد كنت أرفض هذه الحياة جميعها لولاك..!!
بحق الذي خلقني وإياك من عدم..
وألقى في طريقك أحرفي..
وفي طريقي ألقى جفاك..!!
لأنا المقتول بك أبد الآبدين..
بحق من خلقك..بهذا الجمال حباك..!!
فلا تقل نحن على درب اللقاء نسير..
وأنت من نثرته أشواكا..!!
أنا يا صديقي حد الحرف سأكتفي..
وعند الحرف سأختفي..
حتى لا ترى عيناك..!!
هذي القساوة أحرفي..
وما عرفت قسوتي إلاك..!!
فلا عليك لتبتئس..!!
ولا عليك لتنتكس..!!
فأنا من بالتجاهل أبعدك..
وأنا من بالهوى أقصاك..!!
إنه..
أنا قاتلي..
(نص موثق)

النص تحت مقصلة النقد
...............................
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي

ليست هناك تعليقات: