الثلاثاء، 1 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{ذكريات راحلة}} بقلم الكاتب السوري القدير الأستاذ{{مصطفى محمد كبار}}


 ذكريات راحلة 


أكمل غيابك حين ترفعني غيماً 
يسقطُ كالمطرِ

و ارجم من هواك حين تقسو الرِماحُ 
بثقوب قلبي ألماً و أزد كسراً
بكسري

فجر هناك حلماً تلهف ورائك و الدمع
كان يعصره 
و لا تشعل بنار الرحيل جسداً قد توارى 
ضائعاً بغيابك من القهرِ

كن بعيدي هناك و العب بصورة وجعي 
حتى تستوعب حجم الكارثة
معاك 
كن حجراً مع الزمان بدموعي و بسقوطي
الكبير  كن ضجري
 
كن جرحاً 
ينزف بجراحه في عهد الخائنين بجرحي 
القديم مع الذكريات 
و احرق من ذاكرتك المستكلبة و من مراياك
أحرق كل صوري

كن صورتي الحانية هناك في الهلاك على 
دروب العذاب بالوجعِ
حطمني يا سيد العرش و أكثر بالسقوط 
ذلاً 
ليدق للشمس ندماً حتى يشع من البعيد 
بوجع الحنين خبري

كن قاتلي الشريف العنيد العصبي بطعن 
الروح 
و غني لي أغنية الوداع الأخيرة حين تنساني 
يا حجري

اتركني مع أوجاع السنين و مرها و رتب 
لي كما تشاء 
وطناً يحتوي كل عذابي ورائك يا 
قمري

اتركني بألحان الهزيمة و بسوء الإختيار 
أن أبكي طويلاً 
بوجع الليل مع النهار بلحن الخلود في 
عتمة الظلام 
بموت الأمنيات و بحزن الوترِ

كن أول من بحمل نعشي المنسي إلى
مقبرة النسيان 
فكن شاهداً على موتي و محنة التكالب 
بناري و دخاني 
كن حجراً 
كن شجراً 
كن قدراً قاتلاً لا يعرف طريق الرحمة
إلى الله 
و كن أثراً بجرح الذكريات و اكتب على جدار
دنياك ما هواك 
قل للتاريخ عن قصتي معك في الهلاك 
و ما صنعته يداك 
قل أنا لم أخون أحداً و لم أظلمك يا مصطفى 
لكن هذا هو قدري

فكن غيماً يا حبيبي يحتضن السفر 
البعيد بسماك
و لا تقتلني في الإنتظار أكثر من الموت
و أنا أنتظر خطاك كي أراك 
فكن مثلي طيباً و رحيماً مع القلوب و لا
تكسرها ألماً ألماً 
كن يا حبيبي إلهً يشفع علينا بوقت الألم  
في الأبدية بأخر سفري

و لا تعد 
بمخيلتك لوحدك بصور الذكريات 
للوراء فتكسرني
و أنت تحمل معي لركني المنتظر ضجر 
الرحيل كله
كن قاسياً بالأيام مع الريح و كن ثقلاً ثقيلاً 
فوق صدري المحطم
اكسرني أكثر بالحرمان المعظم و حطمني 
يا ملك الملوك 
اقتلني 
زلزلني 
احرقني 
حطمني
دمرني و ارمني كجثةٍ في العراء معفنة 
لحالها بالنكسات و بشتات 
عمري

و كن مطراً خفيف السقوط على القلب 
المطعون 
لكي لا يتوجع بغدرك البربري قلبي المسكين 
و حتى لا تذبل كل ورودي و كل 
زهري
 
فكن قمراً بليلي الحزين تسامر روحي
في الهلاك لتؤنسني
شاركني الهموم و تكلم مع عن الذكريات 
و اصرخ في وجهي إن أردت
عاتبني حاسبني و افتح قميصي و مزق 
صدري بأظافرك 
و اقطع بكل الشرايين في جسدي و لا تحمل
ذنب المقتول لوحدك
دمرني كما تريد بساحات المنكسرين و 
علقني 
بمنشانق الإعدام كالصعلوك الجبان المهزوم 
الذي قتلَ بسيف الغدرِ 

و لا تكن مثل القدر تلعنني بألف كفرٍ 
طويل الطعن
أو كواحدٍ من أهل النسيان تمضي بجنازتي
دون 
أن تأتي بخجل الضمير و تلقي بنظرةٍ 
أخيرة على قبري

فيا أيها سارق الروح يا عالم إنكساري
بقمة الآلهة 
يا كوكباً جاء كافراً فهدني على حدود 
الأنبياء من بدري

فمالك تعد لي بالخيبات و تقتلني بأقذر 
طريقة ممكنة 
فأين الذي كان يقول لي يا عمري يا حبيبي 
و يا دهري 

فأصبر ببلواي ما استطعت يا أيها القلب 
أن تصبر
فلم أعد أنفع للحياة و لم يعد شيء يعيدني 
لأحيا هناك  
فالقد قضى الرحيل بذلي و ضاق 
صبري 

فالموت موتي و العذاب عذابي و هذا
الألم  ألمي 
و هذا الليل الطويل الذي يكسرني حجراً 
هو مسكني الوحيد 
و هذا السهرُ الذي يشلني بكل أجزائي 
و يقهرني في البكاء هو 
سهري

فقد دار العمر بكل ذلٍ باليقين و الوجع
وجعي و الأمر في الإنتحار
هو أمري

فمالك يا من دعاني للحب ثم خانني
بمنتصف الطريق و رحل
مالك تحرقني كجمرة الشتاء برحيلك 
الطويل 
فكيف ترمني لبيت النارِ كالحطب فرحاً 
كيف تتحمل نسيانها بكل السنين بتلك العشرة 
الطويلة مع الذكريات الجميلة 
فكيف أنا أتذكر كل تفاصيل عمرك معي 
و أنت لا تتذكر شيئاً من عمري

فمالك تغيرت لكافرٍ تتناسى زمني و تتجاهل 
نوحي و بكائي 
أهكذا ترد  دين الوفاء تخذلني باللعنات 
و تمح من عالمك كل أثري 

فتباً لكَ يا سارق العمر كله على دروب
الذكريات 
و تباً لتلك الحنين التي تجرني خلف الوداع
بدموعٍ تجري كالنهر بالكفرِ

فتسبقني لجسد الموت و تقول 
لي
هكذا أنا أقتل ذاتي بذاتي و مازلت أحرق 
بصور الراحلين بدموع النظرِ

فأنا القصيد إذ  باح بنوحه بخيال
الوجع
بين سنين الذكريات و بين وجع الحكايات 
التي سكنت روحنا
بأحزن الكلمات و بأبشع صفات اللوم 
بحروف شعري 

فآهٍ لو كنتَ يا عزيز الروح بحالي
تدري
لما هجرتني لقيامتي وجعاً في الغياب
و زدت ناراً على نار 
آهٍ لو كنت تدري ما أقمت بموتي صلاة 
الفرحين هناك
و ما كنت تشتفي مع الشيطان بسقوط 
الروح و لا كسرت بالهجرانِ 
ظهري  

فأكمل فراغ الأموات القدامى يا بعيدي
 بفصول الإنتحار 
و ردني لجرحي القديم لعصر الخيانات 
في شيخوخة الكِبرِ 

و أقسم مثل الله لي أقذر الأيام و اقتلني
بسيف الفراق بلا عذرِ 

و اختم حياة كل القرابين و افشي أمام
كل الكلاب بسرك و بسري 

فلما تثأر مني و أنا أحمل روحك بأنفاسي
و أطوف بها 
كشبه ميت راح يشتكي من الطعنات و
من الفقرِ

فهل أتركها للتاريخ هكذا ...... ؟
أم أرمي بالقصيدة بسلة المهملات بدموعي
بعتمة نظري

فالإنكسار يا أيها الناس هو علتي و ليس 
من الآن 
بل كانت كلعنة الأموات بحياتي منذ 
صغري

ابن حنيفة العفريني
مصطفى محمد كبار .... في  ٢٠٢٥/٦/٢٨
حلب سوريا

ليست هناك تعليقات: